الله أمَّنَا منك بخيرٍ (?)، وكلا القولين معترضان، والأوّل أمثلُ.
وقوله: "أَعُوذُ" يعني: ألْجأ وأَلُوذُ، فإنه مكان العائذ، والعياذُ والملجأ: ما سكنت إليه النّفس عن محذورٍ.
وقولُه: "مِنَ الخُبْثِ "- بِضَمِّ الخاء - يعني: من ذكرر الجنِّ وإناثهم، وإن كان بفتحها فإنّه يعني: من المكروه وأهله، و"الخبث" هو كلُّ مكروه، فإن كان من قول فهو فسق، كان كان من اعتقادٍ فهو كفرٌ واعتقاد سوءٍ. فإن كان من طعامٍ فهو حرامٌ، وقد غلَّطَ الخطّابيّ (?) لمن رواه (?) بإسكان الباء واستدرك الخطأ عليه.
الفقه (?):
كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - معصومًا حتّى من الشيطان الموكَّل بهِ بشرط استعاذته منه، كما غُفِرَ له بشرطِ استغفاره واستعاذته منه، ومع ذلك فقد كان اللَّعين تعرَّضَ له ليلة الإسراءِ فدفعه بالاستعاذة (?)، وعرض له في الصّلاة فشدَّ وثاقه ثم أطلقه (?).
وكان رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يحضُّ على الاستعاذة في هذا الموضع لمعنيين:
أحدهما: أنّه خلاء، وللشّيطان قدرة في الخلاء ليست له في الملأ يصل بها إلى العبد، قال رسول - صلّى الله عليه وسلم -: "الرّاكبُ شيطانٌ، والراكبانِ شيطانانِ، والثلاثَةُ رَكبٌ" (?).