باب تيمُّم الجُنُب

قال الإمام الحافظ - رضي الله عنه (?) -: هذه مسألةٌ اختلف العلماءُ والصّحابةُ فيها والفقهاء، فكان ابنُ مسعود يرى ألّا يتيمَّمَ الجُنُب ويقول: لَو رَخَّصنَا لَهُم في ذَلِكَ لأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ علَيْهِم الماءُ أنّ يَدَعُوهُ وَيتَيَمَّمُوا (?)، وهذا ردٌّ للنصِّ الجلىِّ بالذَّريعةِ، وذلك لا يجوز. وأنّما علينا أنّ نُنْزِلَ الشرع منازله ويوضع موضعه، فمن تَعَدَّى فقد ظَلَم نفسَهُ، وقد سأل رَجُلٌ عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - عن الجُنُب هل يتيمَّم؟ فقال عمر: لا يتيمَّم، قال عمار: أمّا تذكر يا أمير المؤمنين إِذ كنّا في سَرِيَّةٍ، فأَجْنَبنَا فلم نجد الماء، فأمَّا أنا فَتَمَرَّغْتُ في التُّرابِ كما تَتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَأتَينَا رَسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم -، فقال:"إنَّمَا كانَ يَكفِيكَ ضَرْبَةً لِلوَجْهِ وضَرْبّةّ لليَدَينِ" فقال عمر: اتَّقِ اللهَ يا عَمَّار. فقال عمارٌ: إنّ شِئتَ يا أميرَ المؤمنين لَمْ أُحَدَّث بهِ، فقال له: بَل نُوَلِّيكَ من ذَلِكَ مَا تَوَلَّيتَ (?).

وهذا كلُّه ينبني على أصلين، وهما: الكلام على آية الوضوء، وقد أَطنَبنَا فيها في موضعها (?)، والنصُّ الجَلِيّ في الصّحيح عن عِمْرَانَ بن حُصَين؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - فرغ من صلاته فَنَظَرَ إلى رَجُلٍ لم يصلّ معهم، فقال له: " مَا مَنَعَكَ أنّ تُصَلَّي معَنَا؟ " فقال: إنِّي كنتُ جُنُبَا، فقال: "فعليكَ بالصَّعيدِ" (?)، وهذا نَصٌّ.

فإن قيل: ما هذه الوهلة من عَمَّار؟ كيف قال لعمر: إنّ شِئْتَ يا أميرَ المؤمنين لَمْ أُحَدَّث بِهِ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015