دمشق لم يدخلها إلا أثناء قُفُوله، ويذكر أسماء من سمع عليه: ابني أحمد بن صابر عبد الله وعبد الرحمن، وأحمد بن سلمة بن يحيى الأبار، ولم يزد على هؤلاء الثلاثة، وكأنه يذكرهم للتمثيل لا للحصر، أو يمثِّل بالأعيان. ويسجِّل أنّه لما عاد إلى بلده صنَّفَ شرحًا على سُنن التّرمذيّ سماه: "عارضة الأحوذي في شرح كتاب الترمذي"، ونشير هنا إلى أنّ سُمْعَة أبي بكر ابن العربيّ ومساهمته في التّصنيف التقطَها ابن عساكر ليحلِّي بها جيد تاريخه، ويهمّنا أنّ "كتاب عارضة الأحوذي" كان مُسَجَّلاَ في كتابِ تاريخٍ يُعتبرُ من دواوين تاريخ الإسلام المشهود لها ولصاحبها بالإمامة.

وإذا كانت التراجم المغربية قد تنوعت في هذا القرن، وكان منها مثل تأليف الفتح بن خاقان، فإن من عجائب الاتّفاق أن تعقد له ترجمة مشرقية في كتاب قريب من نهج "القلائد" و"المطمح" هو كتاب: "خَريدَة القَصْر وجَريدَة العَصر" (?) للكاتب العماد محمّد بن محمّد الأصفهاني الكاتب [ت. 597هـ]، أذ ترد لأبي بكر ابن العربيّ ترجمة قصيرة خَطَّطَه فيها بقاضي الجماعة بإشبيلية، وأضاف: "ورد العراق وطاف الآفاق، وقرأ على أبي حامد الغزالي، وتحلَّى من فضله البهيّ بأبهج الحلي، وعاد إلى بلاد الأندلس في سنة: سبع وخمس مئة، وألَّف على نمَطِ الغزالي كُتُبًا، وفرَّع بها رُتَبًا" ثمّ أورد له بواكير شِعْرِه قطعة رائية في ثلاثة أبيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015