في السَّفَر والحَضَر، والحضر أشهر وأكثر، وعلى ذلك بَنَى مُوَطَّأَهُ، وهو مذهبه عند كلِّ من سلك اليوم سبيله، لا ينكره منهم أحدٌ (?).

الجواب الثّاني - قلنا: قد يعتقد العالِمُ في شيءٍ أنّه كذلك، حتّى يتبيَّن له أنّ فعله ذلك من طريق غير صحيحٍ، فيرجع عنه، كما فعل أبو هريرة في حديث الصّائم إذا أصبح جُنُبا (?) فرجعَ عنه، وهذا ممّا لا يُعَابُ على أحدٍ من العلماء، والرُّجوع إلى الحقِّ أَولَى.

كشف وإيضاح في تحقيق هذا الباب:

قال الإمام الحافظ (?): المسحُ على الخُفَّين سُنَّةَ من سُنَنِ الدِّين، ورُخصَة للمسلمين، ورد به الكتاب والسُّنَّة، واجتمعت عليه الأُمَّة.

أمّا الكتاب، فقوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} الآية (?)، فأحد التّأويلات فيمن قرأ بالخفض أنّه أراد به المسح على الخُفَّينِ، إذ لا حالَةَ للرَّجُل يمسح فيها إلّا تلك الحالة.

وأما السُّنَّة، فما نبيِّنه لكم من أنَّ جماعة من الصّحابة رَوَتِ المسحَ على الخفَّين، فصار كالإجماع الّذي لا يجوز خلافه.

قال الإمام الحافظ: ومَن نظر إلى مقاطع الشّريعة وقوانينها، لم يستبعد المسح على الخُفَّين، ولم يشكّ أنّ وضع شَطْر الصّلاة وإباحة الفِطر أعظم في الرُّخصة من المسح على الخُفَّين، لِمَا في نزعهما من المشقَّة، والمسح على الخفَّين رخصةٌ وتخفيفٌ، وتكلُّف الوضوء على الرجلَين والمشقَّة بعيدة والسّيرُ متَّصِلٌ.

وأما ما أردته من تحقيق مذهب مالكٌ، فإنه قال: لا تَوقِيتَ على المسافرِ، ومسحه على الخُفَّين (?) جائز دائمًا، ما لم يقع في جنابة، وهذا مأخوذ من النَّظَرِ ليس من الأثرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015