وكذلك كان الحسن يُفْتِي، ولا أعلم أحدًا أفتى بذلك غيره.

وممن كان يُفْتِي بغسل الإناء دون شيءٍ من التّراب من سَلَفِ الصّحابة والتّابعين: ابن عبّاس، وأبو هريرة، وعُرْوَة، وابن سيرِين، وطاووس، وعمرو بن دينار.

وأمّا الفقهاء من أَيِمَّةِ الأمصار، فقد اختلفوا في تعليله:

فقيل: إنّ علَّته التّغليظ في منع اقتناء الكلاب الّتي لا يجوز اتِّخاذها لأجل إذاية النَّاس؛ لأنّ الصّحابة كانوا يُبَكِّرُونَ بالأسحار لمسجد النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - فَشَكَوْا إليه أنّ الكلاب تؤذيهم، فقال: "إذا وَلَغَ الكلبُ" الحديث، ولأجل هذا قال أيضًا: "من اقتَنَى كَلبًا نقص من عمله كلَّ يومٍ قِيرَاطَانِ" (?) ولا يجوز أن ينقص من عمل قد مَضَى.

تنبيه على مقصد (?):

قال القاضي أبو بكر بن العربي: "إذا شَرِبَ الكلبُ من إناء أحدِكُم" الحديث، فيه استعمال الشُّرب في كلِّ حيوان، والحديثُ مُعْضلٌ، وقد اختلف النّاسُ فيه، هل يَغسِلُ للعبادة أو للنّجاسة؟ والصّحيحُ أنّه يَغسِلُ للعبادة؛ لأنّه عَدَّدَ وأدخل فيه الترابَ، ولا مَدْخَلَ للعدَدِ ولا للتّراب في إزالة النّجاسة (?).

ولَمَّا كان الحديث مُعْضَلاَ، قال فيه مالكٌ (?): قد جاءَ هذا الحديث وما أدري ما حقيقته. وكان يرى الكلب كأنّه من أهل البيت وليس كغيره من السِّباع. وكان يقول (?): يُغسَلُ بالماء وَحْدَه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015