وقيل: هذا خصوصٌ للنّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -، ويدلُّ عليه حديث الْقَلِيب يوم بَدْر، فقال: "يا فلان ويا فلان، هل وَجَدْتُم ما وعَدَ ربّكُم حقًّا"، حتّى قال عمر: يا رسولَ الله، كيف تُكَلَّمُ أجسادًا لا أرواحَ فيها؟ فقال: "ما أنتم بأسْمَعَ منهم، غيرَ أنّهم لا يستطيعون أنّ يردّوها" (?).

وقال بعضُ العلماء: هذا خصوصٌ للنَّبىِّ صلّى الله عليه، وهذا يدلُّ على أنّ الأرواح هي المخاطَبَة، كما خاطب هنا أهل القبور لا الأجساد.

الفائدة الثّامنة:

في قوله -عليه السّلام- (?): "وددت أني قد رأيتُ إخواننا" قال (?): تمنَّى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - ما لا يكونُ، والتَّمَنِّي هو تعلُّق الإرادة بما في المستقبَلِ، والأسفُ تعلُّق الإرادة بالماضي. والتَّمَنِّي لا يجوزُ إلّا في أمور الدَّين.

وقولُه (?): "وددتُ أني قد رأيتُ" الحديث، تَمَنٍّ منه، وقد علِمَ أنّه لا يراهم إلَّا بعد الموت، وقد قال -عليه السّلام-: "لا يَتَمَنَّينَ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ" (?) وإنّما معنى ذلك ألّا يتعلّق التَّمَنِّي بالموت، وقد بيَّنَّا ذلك وشرحناه في "كتاب التَّمَنِّي (?) ".

وفيه أيضًا: تشريفُ شَرَف هذه الأمَّة بتَمَنِّي رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يراها، فنحن أوْلَى أنّ نكون لرؤيته أشدَّ تمنِّيًا وأكثر تَطَلُّعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015