أبو بكر بن العربي من الأعلام الّذين ملئوا الدنيا وشغلوا الناس وتجاوزت شهرتهم الآفاق، بحيث تظلّ أيهّ محاولة للتّعريف به لا تخلو من مغامرة، على أنَّ أفضل ما يمكن أن يقوم مقام هذه المحاولة، أن ننظر نظرة نقديّة في مصادر ترجمته ومراجعها، فربما تغني الدّارس عن التَّكرار المملول الّذي يتكلّفه مقدِّمو طبعات كُتُبه، ويتداولون نفس المعلومات على ما يشوبها من إخلال وتقصير وسَذاجَة في التّناوُل، وتبسيط في أمور في حاجة إلى تعمُّق.
أوْلَى مُترجميه بالتقديم هو المترجم نفسه أبو بكر بن العربي، فقد كان حريصا غاية الحرص على أن لا يضيع المناسبات الّتي تسمح له ببسط الحديث عن جوانب من حياته وشخصيته، وشيوخه ومواقفه، وأحكامه وآرائه في أحداث عصره، وقضايا ذات طابع عَقَدِيّ أو فقهيّ أو تاريخيّ أو سياسيّ أو اجتماعيّ، وما شابه ذلك.
على أننا ناسف لضياع معجم شيوخه، بالقَدْر الّذي نأسف أيضًا على ضَياع ما كَتَبَه من رحلته، بنفس القَدْر الّذي نأسف على كلّ حرف خطَّه بقلمه؛ لأنَّ في الّذي ضاع ما يُسعفُ على جلاء الصورة، وتوضيح الرؤية،