النّوم؛ لأنَّ رُوحَهُ قبضها على طهارةٍ وفي طاعةٍ.
وأمّا الحالةُ الثّانيةَ عشرةَ: وهو إذا استَثفَرَ (?) وارتبطَ ثمَّ نام، فكان شيخُنا أبو بكرٍ الفِهريُّ يقولُ: نحن على المذهب، أنّه لا وضوءَ عليه، وكذلك قال أبو المعالي الجُوْينِيُّ من أصحاب الشّافعيِّ.
إلحاقٌ وتبيينٌ:
قال الفقيه الحافظ شيخنا أبو القاسم جَرِير بن مَسْتلَمة (?): اختلَفَ العلماءُ - رضوان الله عليهم- في النوم في موضعين اثنين:
أحدُهما: هل له تأثير في نقض الوضوء أو لا؟
والثّاني: هل هو حَدَثٌ في نفسه، أو سببٌ للحَدثِ؟
فذهب مالكٌ - رضي الله عنه - وجلّة العلماء إلى أنّ له تأثيرًا في نقض الوضوء.
وذهب طائفةٌ من الصّحابة إلى ألّا تأثيرَ له في نقض الوضوء.
ونكتتهم في ذلك: حديث ابن عبّاس؛ أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - نام حتّى سُمِعَ غَطِيطُه، ثمّ صَلَّى ولم يتوضّأ (?).
ومن طريق القياس: أنّ الطَّهارةَ قد ثبتت بيقين، فلا تُرفَع إلَّا بيقينٍ؛ لأنّ الشَّكَّ لا يقدَح عندَهُم في اليقينِ.
وقوله: "إنّما الوضوء على من نام مضطجعًا؛ فإنّه إذا نام مضطجعًا استرخت مفاصله"، وهذا يدلُّ على أنَّ النّوم سبب الحدَث.