التحري للمشقّة، وتوضأّ بأيّهما شاء، قاله القاضي أبو الحسن (?).

ترجيح هذه الأقوال:

أمّا وجه القول الأوّل؛ أنّه لماّ شكَّ فيه -أعني في الطّاهر منها- وجَبَ عليه استعمالُهما، حتّى يحصُل الطّاهرُ يقينًا.

والوجه الثّاني: أنّه يترُكُها لئلاّ يُوَاقِعَ المحظورَ.

والوجه الثّالث: يتحرَّى ويجتهد؛ لأنّ الاجتهادَ والتّعويلَ على العلاماتِ والأماراتِ أصلُ الشّريعةِ في المشكلاتِ، وهو المَفْزَعُ في الأَمْرِ والنَّهْيِ والحلال والحرام، فمسألتُنا بذلك أوْلَى، إذ هي مِثلُ ما ذَكَرنا.

وأمّا من قال: يُريقُه، فإنّه قَصَدَ إزالةَ الإشكال لئلاّ يعودَ ثانيةً.

وأمّا من فَرَّقَ بين القِلَّةِ والكَثرَةِ، فلا معنى له؛ لأنّه سواءٌ كَثُرَتِ الشّبهاتُ في المشكلاتِ أو قلَّت، فإنّما المُعَوَّلُ فيها على الدَّلالات والأمارات، إلَّا أنّ يخرُجَ الأمرُ عن حدِّ الحصر، فيسقطَ فيه التّكليفُ.

الصُّورة الرابعة:

إذا كان معه إناءان، أحدُهما طاهرٌ مُطَهَّرٌ، والآخرُ من ماءٍ مستعمَلٍ؛ فإنّه يتوضّاُ بهما جميعًا؛ لأنّهما ماءان مطلقان لا نجاسةَ فيهما عندَنا، وعند أبي حنيفةَ: يتركُهما جميعًا، رواه أبو يوسفَ القاضي، وقد بيناه في "مسائل الخلاف".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015