وفي الحديثِ الصّحيح؛ أنّه قال: "من كَذَبَ عَلَىَّ مُتعمِّدًا فَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ من النَّارِ" (?) وفي حديث آخر: "فَليَتَبَوَّأ بينَ عَينَي جَهَنَّمَ مَقعَدّهُ من النّار"، قالوا يا رسول الله: أو لِجَهَنَّمَ عَينَانِ؟ قال: "أَمَا سَمِعتُم الله يقول: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} الآية (?) " (?).

وفي الخبر الصّحيح عن يوم القيامة؛ أنّه قال: "يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَيَلْتَقِطُ - أو قال يَلْقُطُ - الكُفَّارَ لَقْطَ الطَّائِرِ حَبَّ السِّمْسِمِ" (?). يعني: يَفصِلُهُم عن الخَلْقِ في المعرفَةِ كما يَفصِلُ الطَّائرُ حَبَّ السِّمْسِمِ عن التُّربَةِ. وليسَ مَن شروط الكَلامِ عندنا والعِلْمِ في القيامِ بالجِسْمِ إلَّا الحياةُ، فأمّا الهيئةُ واللّسانُ والْبُلَّة (?) فليسَ من شُروطِ الكلامِ، وليس أيضًا من شُروطِ الحياةِ، فالجسمُ وُجُودُ هَيئَةٍ ولا بُلَّةٍ.

وسمعتُ شيخَنا الفِهرِيَّ الطّرطوشيّ (?) يقولُ: أمّا قوله: "اشْتَكَتِ النَّارُ إِلى رَبِّهَا" الحديث، إذا قلنا: إنّه حقيقةٌ، فليسَ يحتاجُ إلى أكثرَ من وجودِ الكلامِ في الجِسمِ. وأمّا قولُه: "تحَاجْتِ النارُ والجنةُ" (?) فلابدَّ من وُجودِ العِلم مع الكلام؛ لأنّ المُحَاجَّةَ تقتضِي التَّفَطُّنَ لوجهِ الدَّلالة.

وقال لنا الإمام أبو سعيد الشّهيد الزّنجانيّ (?): ألا تَرَى إلى قول الهُدْهُدِ: {وَجَدْتُهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015