ذنوب غيره لأنه لا يثيبُ على حسنها ولا يعاقِبُ على سيِّئها، وإنّما ينظر فيها ربّه الّذي أمره ونهاه، وأمّا العبد فإنّما ينظر في عيوب نفسه ليصلح منها ما فسد، ويتوب منها على ما فرط.
وقوله::إنّما النّاسُ مُبْتَلىً وَمُعَافىً" يريد -والله أعلم- مبتلى بالذّنوب.
وقوله: "فَارْحَمُوا أَهْلَ البَلَاءِ" يريد: من امتحن بالذّنوب.
وقوله: "وَاحْمَدُوا اللَّهَ على العَافِيَةِ" يريد: من الذّنوب، فإنّكم بفضل الله عُصِمْتُم منها، ويحتمل أن يريد به غير ذلك من أنواع الأمراض والحاجة وغيرها، والمعافاة منها بالصحّة والغنى عن النّاس.
وقد جاء (?) في حديث بلال (?) مؤذِّن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: النّاسُ ثلاثةٌ: فسالم وغانمٌ وظالمٌ لنفسه. قال: والسّالمُ السّاكتُ، والغَانمُ الّذي يأمرُ بالخير وينهَى عن المنكر، والظّالمُ لنفسه النّاطقُ بِالْخَنَا والمعينُ على الظُّلم (?).
وكان الرّبيع بن خُثَيْم يقول: لا خَيْرَ في الكلام إلاّ في تِسْعِ: تهليل الله، وتسبيح اللَّهِ، وتكبير اللهِ، وتحميد الله، وسؤالك الخير، وتعوُّذك من الشَّرّ، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءتك القرآن (?).
ورُوِّينا عن سيبويه -رحمه الله- أنّه قال: رأيتُ الخليلَ بن أحمد في المنام، فقال لي: رأيت ما كنّا فيه؟ فإنّي لم أنتفع بشيء منه، إنّما انتفعتُ بقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، ولا حَوْلَ ولا قُوّة إلاّ بالله العليّ العظيم، وأَمْرٌ بالمعروف