قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي- رضي الله عنه - (?): اعلموا أنّ قولَه في حديث أبي هريرة "مَنْ أدركَ ركعةً من الصُّبحِ" الحديث بظاهره يقتضي أنَّ ركعةً واحدةً تُجْزِئُهُ وتكفِيهِ، ولكنّ الأُمَّةَ أجمعَت على أنّه لابدّ أنّ يُضيفَ إليها أخرى، كما روى النّسائيُّ (?) وغيرُه (?)؛ أنّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أدركَ ركعةً من الجُمُعَةِ فقد أدركَ الجمعةَ".
تفصيلٌ (?):
قولُه: "من أدركَ ركعةً من الصُّبحِ قبلَ أنّ تَطْلُعَ الشَّمسُ" استوى هاهنا وقتُ الضّرورةِ ووقتُ الاختيارِ؛ لأنه ليس بعدَ طلوعِ الشّمسِ وقت للصُّبح، ولا قبلَها وقتُ ضرورةٍ لها، وكذلك كنّا نقولُ في العصر كما قال الأوزاعيُّ (?) وأبو حنيفةَ (?): لولا قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من طريقِ أنسٍ وغيرِه: "تلكَ صلاةُ المنافقينَ - قالها ثلاثًا- يَجْلِسُ أحدُهُم حتَّى إذا اصْفَرَّتِ الشَّمسُ وكانت بين قَرْنَي الشيطانِ، قام فَنَقَرَ أربعَ نَقَراتٍ لا يَذْكُرُ اللهَ فيها إلَّا قليلًا" (?).
فإن قيل: إنّما وقَعَ الذَّمُّ بالنَّقْرِ وقلِّةِ الذكْرِ؟
قلنا: إذا ذَكَرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصْفَينِ وعلَّقَ الحُكْمَ بهما، لم يَجُزْ إلغاءُ أحَدِهِما، فلذلك قال