وَلَمْ أرَ فَضلًا صَحَّ إِلَّا علَى التُّقَى ... وَلَمْ أَرَ عَقلًا تَمَّ إِلَّا عَلَى أَدَب

وَلَمْ أرَ في الأَعدَاءِ حِينَ خَبَرتُهُم ... عَدُوًّا لِعَقلِ المَرءِ أَعدَى من الغَضَب

الأصول:

الرّجل الّذي جاء إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فقال: "عَلِّمنِي، وَلَا تُكْثِر عَلَيَّ فَأَنْسَى".

قيل: هو عمّ الأحنف بن قيس (?)، فقال له النّبيُّ -عليه السّلام-: "لَا تَغضَب" (?). فجمع له - صلّى الله عليه وسلم - في هذه الكلمة حكمة عظيمة؛ لأنّ الغضبَ من أُمّهات المعاصي، وربّما أيضًا قال له ذلك لأنّه عرفَ أنّ الغضبَ أعظم أسباب المعاصي عنده، والغضبُ نارٌ في النَّفس ولذلك قال -عليه السّلام-: "إذا غضب أحدُكُم وهو قائمٌ فليقعُد، وَإِن كَانَ قَاعِدًا فليضطجع" (?)، وجاء: "فليغتسل بالماء فإنّه نَارٌ" (?).

وقال علماؤنا (?): إنّما نهاه عمّا علم أنَّه هَوَاهُ، وأنّ الغالب عليه الغضب، فتفرَّسَ فيه، وعلم ذلك منه، كما قال لوفد عَبدِ القَيسِ: "لا تشربوا مسكرًا" (?) وتركَ بيانَ سائر المعاصي لما علم أنّ الخّمْرِ هواهم وشهوتهم، وإنّما كان ذلك لأنّ المرء إذا ترك ما يشتهي كان أجدر أنّ يترك ما لا يشتهي، وخصوصًا الغضب، فإنّ من ملك نفسه عنده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015