والثاني: خَبَرُ الاستفاضةِ، وهو الَّذي نقَلَهُ عددٌ وانتشر، لكنه لم يبلغ التّواتر، ولا يوجد له مُنْكِرٌ (?).
فإن قال قائل: هل أخبرنا وحدّثنا واحدٌ أم لا؟
فالجواب عن ذلك (?): أنّ بعض المحدِّثين قال: حدّثنا أبلغ من أخبرنا؛ ولأنّ الخبر قد يكون صفة للموصوف، والمُخْبِرُ من له الخبر.
وقيل: الْمُخْبِرُ هو الواصفُ للموصوفِ، فكلُّ مُخْبِرٍ واصفٌ، وكلُّ واصِفٍ مُخْبِرٌ، وهو مذهبُ مالكٍ في أخبارِ الآحادِ أنها تُوجِبُ العملَ دونَ العِلْم عند العلماء (?)، وهذا أشهر عند العلماء من أن يُحتاج فيه حكاية عن مالك؛ لأنّه أصلٌ من أصول الحديث، وعليه العلماء من لَدُن الصّحابة إلى زماننا هذا على قَبُولِ خَبَرِ الواحدِ، وإيجابِ العمَلِ به إذا ثيتَ، ولم ينسخه غيره من أَثَرٍ أو إجماعٍ، وعلى هذا أجمعَ الفقهاءُ في كلِّ عصرٍ، إلَّا طائفة من الخوارجِ وأهل البِدَعِ (?).
وأمّا الرِّوايةُ، فهي نوعٌ من كتاب الأخبار، وكتابُ الأخبار أصلٌ من أصول الفقه، عليه مدار أكثر الأحكام.
وأما تحصيلُ الرَّوايةِ، فلها خمسُ صُوَرٍ على حَسَبِ ما تقدّمتِ الإشارةُ:
الصّورة الأولى: قراءةُ العالِم على النّاس
ولا خلافَ فيها، وهي أصلُ الدِّينِ، وكذلك أخذَ النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل، وكذلك أخذ