الإسكندرية، صلَّى في مكانه، فإذا قال: عليَّ أنّ أصوم بالإسكندرية لزمه ذلك. فنقول: إنَّ الصّوم خير من الصّلاة، وهذا لا قائل له، والأجرُ على الصِّيام غيرُ مُقَدَّر وعلى الصّلاة مُقَدَّرٌ.
فإن قيل: إنَّ مكّة يلزمه المُضِيُّ إليها ولا يلزم المصير إلى المدينة.
قيل له: تُرى عرفات يلزم المضيّ إليها؟ ولا نقول إنها خير من المدينة.
والصّحيح أنّ مكّة أفضل من المدينة بأمور نُوِردُها الآن عليكم، إذ ليس تفضيل البقاع بعضها على بعضٍ لمعنًى موجودٍ في ذواتها، وإنّما تتضاعف الحسنات والسَّيئات فيها (?) كما تقدّم، وقد استدلّ القاضي عبد الوهّاب (?) في تفضيل المدينة على مكّة بظواهر وآثار كثيرة حماية لمذهب المَدَنِييِّن في تفضيل المدينة على مكّة، فممّا استدلّ به حديث ابن خديج أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "المدِينَةُ خَيرٌ مِنَ مَكَّةَ" (?)، قال (?): "وهذا نصٌّ في تفضيل المدينة على مكّة" وليس بنصّ كما زعم، إذ لم يقل: إنّها أفضل منها، وإنّما قال: إنّها خير منها في المسكن (?)، والله أعلم، والمهاجو فيها في سَعَة الرِّزق فيها لكثرة الزَّرع والنّخيل.