رادعًا وزاجرًا لمقْتَرِفيها من المضِيِّ في هذا الطريق الّذي لا ينبغي أن يسلكه إلّا من أعدَّ له عدّته، وأخذ له أخذه، أمّا إذا ظلَّت أمورُنا تسيرُ على المصانعة والتَّجَمُّل وغَضِّ الطَّرف، فلا أمَلَ في تقدُّمٍ أو صلاحٍ" (?).
وكم كانت فرحة صاحبنا غامرة عندنا تناول شيخه الإمام يوسف القَرَضَاويّ مقدّمة "المسالك" بالتّعليق والنّقد، فبَيَّنَ لصاحبنا وشقيقته بأسلوب العارف الخبير والنقّاد البصير ما اعترى بعض أحكامهما من اعْتسافٍ وشَطَطٍ، ودلّهما على ما شاب بعض اجتهاداتهما من مُجازفة وتهَوُّر، وحسب صاحبنا وشقيقته أنَّهما التزما الصِّدقَ فيما يُسَطِّران، بعد رويَّة وتفكير، وبعد تمهل وترجيح، والصدق في هذا النِّطاق خير شَفيعٍ إن شاء الله.
ولا يملُّ صاحبنا من تَرْدَادِ ما قاله شيخه العلاّمة المحقِّق سَّيِد أحمد صَقر - بَرَّدَ الله مضجعه- في خاتمة مقدِّمته لكتاب "الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري" للآمديّ (?): "وإنِّي -على نَهجي الّذي انتهجتُ منذ أوّل كتابٍ نشرتُ- أدعو النقّاد إلى إظهاري على أوْهامي فيها، وتَبْيينِ ما دَقَّ عن فهمي من معانيها، أو نَدَّ عن نظري من مَبَانِيها، وفاءً بحقِّ العِلْمِ عليهم، وأداءً لحقِّ النّصيحة فيه، لأبلُغ بالكتاب فيما يُستَأنَف من الزّمان أمثل ما أستطيع من الصّحة والإتقان. والنشرُ فَنٌّ خَفِىُّ المسالك، عظيمُ المزالق، جمُّ المصاعب، كثيرُ المضايق، وشواغلُ الفكر فيه متواترة، ومَتَاعِبُ البال وافرة، ومُبهِظاتُ العقل غامرة، وجهود الفرد في مضماره قاصرة، يؤودُها حفظ الصواب في سائر