وقال سائرُ العلّماءِ من فقهاءِ الأمصارِ: لا يصلِّي الإمامُ على المحدودِ.

وقدِ اختلفتِ الرواياتُ في الأحاديث المتقدمة، وفي بعضها: "ثُمَّ صَلَّى عَلَيهَا" (?) ولم يثبت ذلك (?)، وإنّما الثّابت ترك الصّلاة.

واختلفَ النّاسُ في تعليل ذلك على أقوال متباينة:

فقيل: إنّما صلَّى على الغامديّةِ لأنّها عرَفَتْ ما يجبُ عليها من الحدِّ، فلذلك صلّى عليها، وماعِزٌ إنّما جاء مُستَفهِمًا غير عارفٍ بما يجبُ عليه، فلذلك لم يصلّ عليه، وهذا قولٌ زائفٌ.

ومن النَّاس من قال: إنَّ الحكمة فيه أنّ قتلَهُ غضبًا للهِ، فكيف يُصَلِّي عليه رحمةٌ، والرّحمةُ تناقِضُ الغَضَبَ، وهذا فاسدٌ؛ لأنّ الغضبَ قد انقضَى، وموضعَ الرّحمةِ قد تَعَيَّنَ.

والنّكتةُ البديعةُ في ذلك: وهي أنّ الإمام إذا تركَ الصّلاةَ على المحدودِ كان ذلك رَدعًا لغيره.

نكتةٌ صوفية: وهي من فوائد الذِّكر

قال: كان بعضُ الصّوفية قد صلّى العشاءَ الآخرةَ خَلفَ رَجُلٍ من الأيِمَّة حَسَنِ الصَّوتِ، فسَمِعَهُ يقرأ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} (?) فصَعِقَ، فلمَّا فُرغَ من الصّلاة وُجِدَ ميِّتًا، فجهَّزُوهُ يومًا آخَرَ، واحتملوه إلى قبرِهِ، ثمّ قالوا: من يُصَلِّي عليه؟ فقال بعضُ الصُّوفيةِ: يصلّي عليه من قَتَلَهُ، فاستحسنَ النَّاسُ هذه الإشارةَ، وقد أوردنا من هذا النوع عجائب في "كتاب الجنائز (?) " فليُنْظَر هنالك.

الحكم الثّاني عشر:

قوله (?): "وَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015