قال لهم: "ائْتُونِي بِأعلَمِ مَنْ فِيكُم"، فَجَاؤُوهُ بابن صُورِيَا، فَنَاشَدَهُ: "هَلِ الرَّجْمُ في التَّوْرَاةِ؟ " فَقَالَ: نَعَم، إِذَا شَهِدَ أَربَعَةٌ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ قَد غَابَ في ذَلِكَ مِنْهَا كَمَا يَغِيبُ المِرْوَدُ في المُكحُلَةِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -عليه السّلام- بِالشُّهُودِ فَجَاءُوا فَشَهِدُوا بذَلِكَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -عليه السّلام- بِهِمَا فَرُجِمَا (?).

وأمّا قولنا: "مُشتَهىً طَبعًا" فبيانٌ لسقوطِ الحدِّ عن وطءِ البهيمةِ، لما رَوَى النّسائيُّ (?) وأبو داوُدَ (?) والتّرمذي (?)، أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ وَجَدتُمُوهُ قّد وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقتُلُوهُ وَاقتُلُوا البَهيمَةَ" وقد تقدّم الكلام عليه وأنّه ضعيفٌ (?)، وتعلَّق به ابن حنبل (?).

الحكم العاشر: وهو الحكمُ في اللَّواطِ

اختلفَ العلّماءُ في هذا الباب على أقوالٍ، المنصورُ منها قولُ مالكٍ لصحّةِ متعلِّقِهِ. وقال الشّافعيُّ (?): هو ذِنَى يفترقُ فيه البِكْرُ والثَّيِّبُ.

وقال أبو حنيفة (?): هو موضع أدبٍ يجتهدُ فيه الإمامُ فيضربُهُ بالسَّوطِ قَدرَ ما يراه رَادِعًا.

ولا يرى أبو حنيفةَ والشّافعىّ أنّ يُجاوِزَ الأَدَبُ أكثرَ الحَدِّ. ورأى مالكٌ أنَّه يُرجَمُ بِكْرًا كان أو ثَيِّبًا، وهو أسعدُ الأقوالِ؛ لأنّ الله أخبرنا عن قومٍ فَعَلُوهُ وعن عقوبَتِهِ فيهم بالرَّميِ بالحجارةِ، فوجب أنّ يُتَّعَظَ بقولِه، وأن يُمتَثَلَ ما سبَقَ من فِعلِهِ، وهذا يَدُلُّك على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015