فقَالَ عبدُ اللهِ بنُ سَلَامِ: كَذَبتُم، إِنَّ فِيهَا آية الرَّجْمِ، فَأتَوا بِالتَّورَاةِ فَنَشَرُوهَا، وَوَضَعَ أَحَدُهُم يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ. ثُم قَرَأَ مَا قَبلَهَا وَمَا بَعدَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبدُ اللهِ بنُ سَلَام: ارفَع يَدَكَ، فرَفَعَ يَدَهُ، فَإِذَا فِيهَا آيةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ، فَقَالُوا: صَدَقتَ يَا محَمّدُ، فِيهَا آيةُ الرَّجمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا.
قَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: فَرَأَيتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى المَرأَةِ، يَقِيهَا الحِجَارَةَ.
قال الإمام (?): فهذه أصولُ أحاديث الرَّجمِ بجُملَتِها، ولا خلافَ فيه بين الأيِمَّةِ، إِلَّا أنّ طائفةً من البربرِ نزلت على جبلِ أطرابُلُسَ، ليس لهم إِلَّا مَطَلَعٌ ضيّقٌ، كفروا باللهِ ورسولِهِ، وتستّروا بكلمةِ الإسلامِ والتّعصبِ لعثمانَ، وَيرَؤنَ أنَّّ الوضوءَ بدعةٌ، وأن التَّيمُّمَ هو الأصلُ، والزّاهدُ منهم هو الْذي يموتُ ولا يَمسُّ ماءً قَطُّ في عُمُرِه، ويرونَ سُقوطَ الرَّجْمِ ويضرِبُونَ الزّاني بالسَّوطِ حتّى يموتَ، في مُحالاتٍ لا نهايةَ لها (?)، وكانوا يخالِطَوننا ويُجَالِسونَنا، فقلنا لعلّمائنا، أيحلُّ لكم أنّ تنركوا هؤلاء بين أَظهُرِكُم على هذه الحالةِ من الكفرِ؟ قالوا لي: إنَّ القومَ في عدد عظيمٍ، وفي مَنَعَة من المكان لا ترقَى إليهم الأوهام، ولوِ اعْتَرَضنَا أحدًا ممّن ينزلُ منهم لقتلوا بالواحد منهم مئةً منا، فقبلتُ عُذرَهُم.
تنبيهٌ على وَهمٍ (?):
قال بعضُ النَّاس: إنَّ الرَّجْمَ الواردَ في الشَريعةِ ناسخٌ للحبس إلى الموت الّذي كان مشروعًا قبلَهُ، وقد بيَّنَّا فسادَ ذلك في "كتب الأصول" من وجوهٍ، أقربُها الآنَ إليكم: أنّ الحبسَ في البيوتِ كان حُكمًا ممدودًا إلى غايةٍ، وكلُّ حُكمٍ مُدَّ إلى غايةٍ فانتهى إلينا، لا يكونُ انتهاؤُهُ نسخًا، وهو أحدُ شروطِ النَّسخِ الأربعةِ الّتي لا يُزادُ عليها، وحُكمُ الغايةِ أنّ يكونَ ما بعدَها مخالفًا لما قبلَها، وإلّاَ فمتَى كانت تكون غايةً.
واعلموا - أنار الله قلوبَكُم للمعارف- أنّ في هذه الأحاديثِ المتقدِّمةِ أحكامًا كثيرةً وفوائدَ