أنّه قال: إنَّ السُّفْلَى أحمل للطَّعام واللُّعابِ، فإنّ في العلّيا من الجمال أكثر من ذلك، وقد تتباين يسرى اليَدَيْن ويُمْناهما في المنافع وتتساويان في الدِّية. وبهذا قَضَى عمر ابن عبد العزيز، وقاله كثيرٌ من التابعين.
وقال ابنُ حبيب (?): إنَّ في العلّيا ثُلُثَي الدِّيَة، وهو قولٌ شاذٌّ (?).
وقد رَامَ بعضهم أنّ يُفاضِلَ بينَ آحادِ كلِّ اثنينِ من الجَسَد (?)، وقد قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "في كُل أُصْبُعٍ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ" (?) ولم يُفَصِّل، وخرَّج البخاريُّ (?) عن ابنِ عبّاس: "هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ" يعني الخِنْصَرَ والإبهامَ، إشارةً إلى منافِعِها وإن اختلفت فإنَّما تراعَى صُوَرُها.
كما رامَ أبو حنيفةَ (?) أنّ يَنْقُضَ الحُكمَ ويَنْفُضَهُ فقال: من قَطَعَ لسانَ صبيٍّ صغيرٍ لا دِيَة عليه، إنّما فيه حكومةٌ؛ لأنّه لسانٌ بلا منفعةٍ.
قلنا: لا يُشبِهُ هذا تدقيقَكَ، فإنّه يَلْزَمُكَ أنّ تقولَ: إذا قتل نفسًا صغيرةً لا دِيةَ عليه فيها؛ لأنّها نفسٌ بلا منفعةٍ، كما فعلَ مالكٌ (?) في السِّنِّ السوداء (?)، واعجَبًا لأبي حنيفةَ (?) يُساعدُه على ذلك.
وقال الشّافعيّ (?): فيها حكومةٌ؛ لأنّها تَغييرُ هيئةٍ كما لو اصْفَرَّت، وهذا ضعيفٌ؛ فإن الصُّفْرَةَ صِفَةٌ في ظاهرها، والسَّوادَ متداخل فيها، مُفْسِدٌ لها، فافترقا.