ومن مسألتنا: أنّ يَقتُلَ المسلمُ الكافرَ غِيلَةً، فإنّه يُقْتَلُ به عندنا؛ لأنّ الجنايةَ هنالك عندنا عن جميع المسلمين، ولذلك يَتَخَلَّصُ الوجوبُ للهِ فيه، ولا يَقِفُ على خِيَرَةِ المَجْنِيِّ عليه.
وَيتفرَّعُ على هذه المسألةِ: أنّ الحُرِّ لا يُقتَلُ بالعبدِ، سواءٌ كان له أو لغيره، وإن كان قد رَوَى التّرمذيُّ (?) وغيرُه (?)؛ أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قَتَلَ عَبدَهُ قَتَلْناهُ" ولكن هذا لم يَصِحَّ (?) سَنَدًا ولا نَقلًا، ولا قال به أحدٌ ممّن يُلْتَفَتُ إليه، والرِّقُّ أثرٌ من آثارِ الكفرِ، فيعْمَل عملَ الأصلِ في التّحريم كالعِدَّةِ؛ فإنّها إنَّ كانت من آثارِ النِّكاحِ، عَمِلَت عملَ أصلِها في تحريم نكاح أختِها وأربعٍ سِوَاها.
والذي يدلُّ على افتراقِ حُرْمَةِ الحُرِّ من حُرْمَةِ العبدِ في العِوَضِ الزَّاجرِ، وهو القتلُ، تفاوتُهما في البَدَلِ الجَابِرِ وهي الدِّيَةُ، فإذا قتلَ عبدًا لَزِمَ دِيَّتَه عشَرَةُ دنَانيرَ، وإذا قتل حرًّا لَزِمَ دِيَّتَهُ ألفُ دينارٍ مُقَدَّرَةً شرعًا، لاحترامِها واحترامِ مَحِلَّها عن مذلّة التّسوِيقِ ومَهَانةِ التّقويمِ.
اعتراضٌ (?):
فإن قيل: فلم تُرَاعُوا المساواةَ حين قلتُم: تُقتَلُ الجماعةُ بالواحدِ، وهلّا طَرَدْتُم أصلَكُم كما فعلَ أحمدُ بنُ حنبلٍ (?) حينَ مَنَعَ من ذلك؟