والكلامُ في شرح "الموطَّأ" إنما هو على كتاب يحيى بن يحيى اللّيثي، الَّذي دخل الأندلس وأدخله.
قال الإمام- الحافظ رضي الله عنه -: أذكر في هذا المجموع- إنْ شاء الله تعالى- ما قّيَّدْتُه عن العلماء والمَشيخة العُلْيَا، من نوادر الغريب في اللّغة والفقه الخطير، بعد أنّ أَذْكُرَ فيه فضائل مالك ولُمَعًا من أخباره.
أمّا يحيى بن يحيى الرّاوي عنه هذا الكتاب، فهو يحيى بن يحيى بن كثير اللَّيثيّ،- يُكنَى أبا محمَّد، وهو بَرْبَرِيّ الأصل من مصمودة من بني ليث، وكان خَيِّرًا وَقُورًا عاقلًا، آخذًا في هيئته بزيِّ مالك وسَمْتِهِ. سمع من مالك"الموطَّأ"، وسمع بمكَّةَ من سفيان بن عُيَيْنة، وسمع بمصر من اللّيث بن سعد، ومن عبد الرحمن بن القاسم. وقَدِمَ الأندلس بعِلْمٍ كثير، فَفَشَتِ الرِّواية على رأي مالك. ولم يُعْطَ أحدٌ في الأندلس من الْحُظوَة وعظيم الجاه ما أعطِيَهُ يحيى بن يحيى (?). وكان متغلِّبًا على الإمام عبد الرحمن بن الْحَكَم، حتى إنّ كان لا يقدَّم قاضيًا ولا كاتبًا ولا وزيرًا إلَّا بمشورته (?)، وكان يلبس ثوب الوَشْيِ الرَّفيع، قيمته المال الكثير، ويدخل به على الأمراء (?)، وكان غنيا. لكنّه عابَهُ أهل الأندلسَ بكثرة الوهم في كتابه، وكان الَّذي انْتُقِدَ عليه مواضع كثيرة نحو من ثلاثين موضعًا (?)، وكان يقول في روايته: إلا بأس أنّ يدخل يخفيه ويعليه" وهو تصحيفٌ