قيل لمالك: إنَّ رجُلًا كتب في وصيَّتِه: أؤمن بالقَدَرِ خيره وشَرِّه، حُلوه ومُرِّه، قال: ما أرى هذا (?).
فرع (?):
فمن كنت وصيَّتَه ووُجِدَت في تَرِكَتِهِ، وعُرِفَ أنّه خطُّه بشهادة رَجُلينِ عَدلين، قال مالك: لا تَثبُت حتّى يشهد عليها، وقد يكتبُ الرَّجُلَ فلا يَعزِم، رواه ابنُ القاسم في "العُتبِيَّة" (?) و"المجموعة".
وقال ابن الموّاز (?): ولو قرأها ولم يأمرهُم بالشّهادة، فليس بشيءٍ حتّى يقول: إنّها وصيّة وإنّ ما فيها حقٌّ وإن لم يقرأها، وكذلك لو قرؤوها وقالوا: نَشهَدُ أنّها وصيَّتُكَ، فقال: نعم، أو قال برأسه نعم، ولم يتكلّم، جازَ.
الحكم السّادس: في فرض الوصيَّة:
قال الإمامُ: الوصيَّةُ على ضربين: فرضٌ وسنَّةٌ.
والفرضُ على ضربين: منسوخٌ إلى تحريمٍ. ومتروكٌ على حالِهِ.
فأمّا "المنسوخُ إلى التّحريم" فقولُ الله تعالى في الكتاب {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية (?)، فنسخَ قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لَا وصِيَّةَ لِوَارِثٍ".
وأمّا الثّانية: فهي وصيّةٌ بدَين للأجنَبِيَينِ، ففرضٌ عليه أنّ يُوصِي بذلك.
وهل يلزَم إذا كانت لوارث أنّ يُوصي؟
قلنا: نعم يلزَمُه؛ لأنّ الشّافعيَّ وأبا حنيفةَ يُجيزانِها للوَارِث، وكذلك البخاريّ، ويحتجُّون بقوله: "أَحَقُّ ما تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ أَوَّلَ يومٍ مِنَ الآخِرَةِ وَآخِرَ يَومٍ مِنَ الدُّنيَا" (?)