والثّاني: ينتقل إلى ملك المُحَبّس.
والثّالث: لا ينتقل.
ودليلنا: أنّه بدل المنافع فلا تخرج بذلك الرّقبة عن ملك الباذل كالعارية.
وأيضًا: فإن ما لا يجوز عتقه لا يجوز أنّ يزول الملك عن رقبته، ويبقى الملك على منافعه، كالحيوان والعُروض.
فإنّه في الأصل جائزٌ يلزم في الحياة والمَمَاتِ، لا يفتقرُ إلى حُكم حاكم. والمشهورُ عن أبي حنيفة (?) أنّه لا يجوز ولا يلزم، وأصحابه المتأخّرون يحكون عنه أَنّه جائزٌ، ولكن لا يلزم إِلَّا بأحد أمرين: إمّا بِحُكمِ حاكمٍ، أو يُوصِي في مرضه أنّ يوقَف بعد موته، فيصحُّ ويكون من ثُلُثِهِ كالوصيّة، إِلَّا أنّ يكون مسجدًا أو سقايةً فإنّ ذلك يلزم ولا يفتقر إلى حُكمِ حاكمٍ.
وهذه المسألة الّتي تكلَّم فيها أبو يوسف ومالك -رحمة الله عليهما - في مجلس الرّشيد، فظهر عليه مالك، وقال له: هذه أوقاف رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ينقلُها أهل المدينة خَلَفهم عن سَلَفهم، يشير إلى الخبر المتواتر، فرجع أبو يوسف في ذلك عن مذهب أبي حنيفة. وهذا فعلُ أهل الدِّين في الرّجوع إلى الحقِّ إذا تبيِّن، ورأى أصحابُه المتأخِّرون الاعتذار لقوله القديم بما قدّمناه.
ودليلنا: قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} الآية (?).