في تحريم الغِشِّ أحاديث، روى الدّارقطني (?) عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - كلمة في الباب، قال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ يَبِيعُ بَيْعًا يَعلَمُ بهِ عَيبًا إِلَّا بَيَّنَهُ" (?).
قال الإمام: وهذا مبنيٌّ على إحدى القواعد المتقدِّمةِ (?)، وهي تحريمُ أكلِ المال بالباطلِ، وذلك بيِّنٌ في الباب.
فإن قيل: فلِمَ لا يُحكمُ بفَسخ العَقدِ وقد انعقد على حرام وانبَنَى على باطل؟ قلنا: لأنّه عارَضَتْهُ قاعدةٌ أُخرَى تقدّمتِ الإشارةُ إليها ومهّدناها في "كتابُ البيوع"، وهي أنّ النّهي إذا كان في حقِّ الله فُسِخَ ما انبَنَى علَيه، وإن كان في حقّ الآدميَّ فاللهُ قد جعلَ للآدمي الخِيارَ، فإنّه قد يحتمِلُ أنّ يشتريَهُ بعَشَرَةِ دنانيرَ بعيبٍ لا يعلَمُه، فإذا اطَّلَع عليه وجَدَ العَيب يساوي أحدَ عشرَ دينارًا، فيرى الحظَّ لنفسِهِ، فَرَدَّ الله الأمرَ إليه، وذلك إجماعٌ. أمّا إنّه قد يدخُلُ على مسائل العَيبِ وجوهٌ من المنهيَّاتِ من الغَرَرِ والرِّبَوِياتِ، فتتعدَّدُ لذلك أحكامُها، وتختلِفُ مآخِذُها، وتَكثُرُ فروعُها، ولا تحتمِلُها هذه العُجَالةُ، فعليكم بكتب المسائل، ولا سيّما ابن عبدوس؛ فإنّه أطنَبَ في هذا الباب، وجاء فيه باللُّباب.
أدخل (?) فيه حديث النُّعمان بن بَشِيرٍ، أنّ أباهُ بَشيرًا أتَى به إلى رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم -