أخبارِ الوَعِيد دون الوَعْدِ، لا يكون عارفًا بحُكمِ الله، وإنّما ينبغي لك أنّ تعرضَ بعضها على بعضٍ، وتَرُدَّ البِنْتُ منها إلى الأُمِّ، وبالجملة فآخر الحَالِ أنّ إثباتَ الشّفاعة لمحمّد - صلّى الله عليه وسلم - فيها تحقيقُ الوَعْدِ والوَعِيدِ، وأنّ المُرْجِئَةَ لا تَرَى لمحمَّد - صلّى الله عليه وسلم - شفاعةً؛ لأنّ لا إله إلّا الله تُغنِي عندهم، ولا يَرَوْنَ النّار على مذهبهم، والخوارجُ والقدَرِيَّةُ لا تراها أيضًا؛ لأنّ الخلودَ عندهما يَمنعُ منها، والحمدُ لله الّذي وَفَّقَ عِصَابة الحقِّ للإقرار بها وبحقِّ الله والعِلْمِ بصفاتِ الله، والاعترافِ بمنزلة نَبِىِّ الله، فالله تعالى غفورٌ رحيمٌ، شديدُ العقابِ. وأنشدَني بعض الأصحاب (?):
أَصبَحْتُ قَد شَفَّ قَلبي ... خوفٌ عَليهِ مُقِيمُ
خَوْفٌ تَمَكَّنَ مِنهُ ... فالقَلبُ منِّي سقِيمُ
لَولَا رَجَائِي بوَعدٍ ... وَعَدْتَهُ يا كَرِيمُ
في سورة الحِجرِ نصًّا ... لأذهَلَتني الغُمُومُ
عَلَى لِسانِ نَبِيٍّ ... قلبي إليهِ يهِيمُ
نَبِّيء عِبَادِي أنّي ... أنا الغَفُورُ الرَّحِيمُ (?)
كذاك أَنتَ إلَهي ... أَنتَ الغفُورُ الرَّحِيمُ
فَقَدْ وَثِقتُ بهذا ... والقَلبُ مِنِّي سَقِيمُ
من آية أذهلتني ... فيها وَعِيدٌ جسِيمُ
هِيَ الّتي قُلتَ فِيَها ... والقولُ مِنكَ حَكِيمُ
ألَّا وإن عَذابِي ... هُوَ العذابُ الأَلِيم (?)