والتّحريم، وهو في إباحة الدُّخُولِ إلى المنزلِ وهَتكِ السِّترِ الّذي كان محرَّمًا قَبلَ قَولِهِ، ولكنّه جاز ذلك للحاجة إليه، ولأنّه لا غَنَاءَ فيه، فكذلك في مسألتنا.
وركَّب عليه علماؤنا شهادةَ النِّساء في المواضع الّتي لا يكونُ فيها غيرُهُنَّ، كالأعراسِ والمآتمِ والحمّاماتِ.
وأمّا قولُنا: "بينّهم" فلأنّها شهادةُ ضرورةٍ: فَتُقَدَّرُ بقَدرِ الضَّرورةِ.
وأمّا شرطُ "الإثنَينِيَّة " فلأنّها أصلُ الشّهادات حيثُ وُضِعَت، ولا تجوزُ شهادةُ وَاحدٍ عند جميعِ العلماء (?)، ولا يَثبُتُ بها حقٌّ من الحقوق إجماعًا، إِلَّا في مسألةٍ واحدةٍ اختلف فيها علماء الإسلام، وهي شهادةُ القابِلَةِ وحدَها على الولادة، ومن روايات مالكٍ أنّها تجوزُ، والأصلُ في ذلك: الضّرورةُ الدّاعيةُ إلى ذلك؛ لأنّه لا تحضُرُ المرأة غيرُها، فلو لم تَقبَل شهادتُها لضاعَتِ الولادةُ، ولبطَلَ ما يتركَّبُ عليها من نَسَبٍ وحُرمَةٍ وميراثٍ وسائر الحقوقِ.
حديثٌ: ثبت عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "ألَّا أُخبرُكُم بخير الشُّهَداء؟ الّذي يَأتِي بِشَهَادَتَهِ قَبلَ أنّ يُسأَلَهَا" (?). وثبت أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "أَكرمُوا أَصحَابِي فإنّهم خِيارُكم، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُم، ثُمَّ يَظهَرُ الكَذِبُ حَتَّى يَحلفَ الإِنْسَانُ عَلَى اليَمِينِ لا يسألها، ويَشْهَدُ عَلى الشَّهَادَةِ لا يسألها، فمَن سَرَّه بَحبُوحَة الجَنَّةِ فَعَلَيهِ بِالجَمَاعَةِ فَإِنَّ الشَّيطَانَ مَعَ الوَاحِدِ، وَهُوَ مِن الاثنين أَبعَدُ" (?).