وأمّا محمّد - صلّى الله عليه وسلم -، فتلك حَضرَةٌ مكرمَةٌ، ودفع عن المكروهاتِ مُطَهَّر، وشخصٌ رُضِيَ عنه في كلِّ حالٍ، وغُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر في الأوّل والمآل، فإذا أردتم الشِّفاء فعليكم بكتاب "المشكلين".
الفائدةُ الثّانية (?):
قوله (?): "إنّما أنا بشرٌ" أشار في هذا الموضع إلى أنّه لا يعلمُ الغَيبَ، وهي مسألةٌ أصوليّةٌ؛ فإنّ المشاهَدَةَ أبرَزَها الله إلى الخَلق، وجعلَها مُدرَكَةً لهم بالطُّرق الّتي شرَعَ اللهُ لهم إليها، وأمسكَ الغيبَ لنفسه فهو عالم الغَيب والشّهادة، وأخبَرَ أنّه لا يَدرِيهِ، إِلَّا هو، وقطعَ أطماعَ الخَلقِ عنه، فقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} (?) الآية، وألقى إلينا منه ما شاء للحِكمةِ الّتي عَلِم، ومن فضله المتقدِّم، قال {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (?) معناه: فيُطلِعُهُم على الغَيب، فيُعلِمُونَكُم به كما شاء، لا إله إِلَّا هو. وفي هذا إشارة إلى أنّه لا يُعْلَم شيءٌ من عِلْم الغيب إِلَّا من قِبَل الرُّسُل، فلا يَلحَقكُم في ذلك رَيب، ولا تغترُّوا بمُنَجِّمٍ ولا عَرَّافٍ، ولا تستدلُّوا بأمارةِ ما في السَّماء من كوكبٍ، أو في الأرض من مذهب (?)؛ فإنّ ذلك تِيهٌ وضلالٌ (?)، ولو جاز لأحَدٍ أنّ يُدرِكَهُ لكان أَولَانا به رسولُ الله.