المبعث، قَارَضتهُ خديجةُ فقَبِلَ قِرَاضَها، وخرجَ به إلى الشّام، وبُعِثَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - فلم يُنكِرْهُ من شريعة الإسلام (?).
وأدخل فيه مالك أصلًا قويًّا، وهو قضاءُ عمرَ على أبى موسى وعلى وَلَدَيْه، حَسَبَ ما نصُّه في هذا "الكتاب" (?).
فإن قيل: كيف جازَ لعمرَ أنّ يَنْقُضَ قضاءَ أبي موسى وهو أميرٌ من الأمراءِ؟
الجوابُ، قلنا: إذا كان الإمامُ أَعدَلَ من الأميرِ,. تَعَيَّن عليه أنّ يَنظُرَ في أقضية عُمَّاله (?).
جوابٌ ثانٍ، قلنا: لم يعتَرِض قَطُّ عُمْرُ ولا غيرُه قضاءَ أميرٍ؛ لفضلِهِم وعدالَتهِم، ولكن لمّا كانت هذه النّازلةُ في وَلَدَي عمرَ، خشِيَ ما خَشِي، وقال ما قال، فزالَ عن الرِّيبَة لعظيم وَرَعِهِ، وبَرَّأ نفسَهُ وابنَيْه وأميرَهُ عن التُّهمة، وأرخَصَ فيه للضّرورة الّتي يحتاجُ إليها النَّاس، فهو مستثنًى من الشّرع، كالمُسَاقاة والسَّلَم وأشباههما.
فإذا (?) ثبت هذا، ففِعْلُ أبي موسى يحتمل وجهين:
أحدُهما: أنّ يكون فعلَ ذلك لمنفَعَتِهِما، وجازَ ذلك وإن لم يكن الإمام المُفَوَّض إليه؛ لأنّ المالَ كان بيدِهِ بمنزِلَةِ الوديعة للمسلمينَ، فاستَسلَفَهُ وأَسلَفَهُمَا إيّاه، ولو تَلِفَ ولم يكن عندهما وفاء لضمنه.
والثّاني: أنّ يكون لأبي موسى النّظر فيه بالتّثمير، فإذا أسلفَهُ كان لعمر المفوّض إليه