شُفعَةَ فيه (?)، كالحمَّام والبئر، وذلك لِفقْهٍ بديعٍ لم يتفطَّن له سواه، وذلك أنّ الشُّفعَةَ وُضِعَت- كما قلناه- لدَفعِ الضَّرَرِ في القِسمَة، والخَسَارةُ في تَغيِيرِ هَيئَةِ الحمام والبِئرِ أكثَرُ منها في مؤنة القسمةِ، فكيف يُدفَعُ ضَرَرٌ بأعظمَ منه، وإنّما يُرفَعُ أعظمُ الضَّرَر بأهونَ منه، وهذا بيِّن لمن تأمَّلَهُ، ولهذا قلنا: إنَّ رواية المصريِّين أقوَى، ولم يكن في قول الله تعالى: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا} الآية (?) متعلّقٌ؛ لأنّه عُموم تخصُّهُ قاعدةُ الضَّرَرِ والفسادِ المتَّفَقُ عليها.

المسألة الثّانية (?):

اتّفقَ العلّماءُ على أنّ الشُّفعَةِ إنّما يَرتَّبُ حُكمُها في عَقدِ مُعَاوَضَة، فإن وقعَ المِلكُ في الخطِّ المُشَاع بغير عِوَضٍ، كالهِبَة المَحضَةِ، فرُوِيَ عن مالك فيه الشُّفعَةُ، واتّفقتِ الأُمَّةُ على أنّه لا شُفْعَةَ في الخطِّ المُشَاع المورُوثِ، وهذه الرّوايةُ عن مالك في الهِبَةِ وإن كانت قليلةً في النقلِ فإنّها قويَّةٌ في الدّليل، فإنّ الشُّفعَةِ إنّما ثبتت لضرَرِ الشّركةِ، وذلك في الموهوب كما هو في المَبِيع.

فإن قيل: الموهوبُ مِلكٌ بغير عِوَضٍ فلم تكن فيه الشُفعَةُ، كالموروث جزءًا مُشَاعًا، وهو قول كافّة العلماء.

قلنا: ليس من التّحقيق قياسُ الهِبَةِ على الميراثِ؛ لأنّ مِلك المَورُوثِ دَخَل قَسرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015