التَّماثُلِ، إذِ الكَيْلُ لا يُوصَلُ به إلى حقيقةِ التَّماثُلِ، إذ يجوزُ أنَّ يتفاضلَ الكَيْلانِ والمُدَّانِ في وَضْعِ القمح فيهما، فالّذي أخذَ على المُكلَّف القصدُ إلى التَّماثُلِ فعلَاً، والقصدُ إلى اجتنابِ التَّفاضُلِ بمعيارٍ شرعيٍّ، والحَزْرُ والتَّخمِينُ معيارٌ في الشَّرعِ أيضًا.
وَيحتَمِلُ أنَّ يكونَ مالك أجرَى ذلك في اليسيرِ، وحيثُ لا يَحْضُرُ الكَيْلُ، والله أعلم.
قلت للفقيه أبي بكر (?): إنَّ الله قال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} الآية (?)، فهذه حُجَّةٌ في القضاءِ بالعُرْفِ.
قال: ليس المرادُ هاهنا بالعُرْفِ العَادَةَ، وإنَّما المرادُ به المعروفُ الّذي هو ضدُّ المُنْكَرِ.
قلتُ له: فقد قال الله تعالى في قصّةِ يوسفَ: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} الآية (?).
قال: ذلك شرْعٌ لمن قَبلَنَا, وليس بشَرْعٍ لنا.
فسَكَتُّ، وهو ممّا لم يَقَعْ فيه إنصافٌ؛ لأنَّه ليس في مذهب مالك خِلَافٌ في أنّ شَرْعَ من قَبْلَنَا شَرع لنا، وأوَّلُ من تفطَّنَ لهذا من فقهاءِ الأمصارِ مالكٌ، وعليه عَوَّلَ في كلِّ مسألةٍ (?).
وقد اتَّفَقَ العلّماءُ على حُكْمٍ؛ وهو: إذا باعَ الرَّجُلُ سِلْعَةَ بدينارٍ فإنَّه يُقْضَى له بغالِبِ نقدِ البَلَدِ، ولا يُنْظَرُ إلى سائرِ النُّقُودِ المختلفةِ، فيحكمُ بفسادِ البَيْعِ حتّى يُعَيَّنَ منها واحدًا.