يدلُّ عليه قولُ عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - "كَان من آخِرِ مَا أَنَزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ آية الرِّبَا، فَتُوُفّي رسولُ اللهِ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا (?)، فَلَمَّا لَمْ يُفَسِّرْهَا عُلِمَ أنَّه لم يَعُمّ جميع وجوه الرِّبا بالنَّصِّ عليها, للعلّمِ الحاصلِ أنَّه - صلّى الله عليه وسلم - قد نصَّ على كثير منها، من ذلك:

تحريمُهُ صلّى الله عليه عن التّفاضُل بين الذَّهَبَيْن وبين الوَرِقَيْنِ، ونهيُهُ عليه السّلام عن بَيعِ وَسَلَفٍ، وعن بَيْعِ ما ليس عِنْدَكَ، وعَنْ بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ، وعن بَيْعِ المُلَامَسَةِ , وعن بَيْعِ الثّمارِ قبلَ أنّ يَبْدُوَ صَلَاحُها، وما أَشْبَهَ ذلك؛ لأنّ هذه الأحاديث تُحْمَلُ على البيانِ والتّفسير لمَا أَجْمَلَ اللهُ في كتابه من ذِكْرِ الرَّبَا، وما لم ينصّ عليه - صلّى الله عليه وسلم - من وجوه الرِّبا، فَإنّه أَحَالَ فيه على طُرُقِ الأدِلّة أدِلّة الشّرع وبيَّنَ وجوهها، وما تُوُفِّي رسولُ الله إِلَّا بعدَ أنَّ كَمُلَ الدّينُ، وبعد أنَّ بين كلّ ما يحتاجه النَّاس، قال اللهُ تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية (?).

قال (?): وممّا يدلُّ على ما تأَوَّلنا حديثُه عليه السّلام في جميع أنواع الرِّبَا، وقولُ عمر: "إِنكُم تَزْعُمُونَ أَنَّا نَعْلَمُ أَبْوَابَ الرَّبَا، وَلأَنْ أَكُونَ أَعْلَمُهَا أَحَبَ إلَيَّ مِنْ أنّ يَكُونَ لِي مِثْل مِصْر وَكُورِها, ولكن من ذلك أبوابٌ لا تخفينّ على أحدٍ: أَنْ تُبَاعَ الثَّمرة وهي مُعْصِفَةٌ (?) لم تطب، وأنْ يُبَاعَ الذَّهَبُ بِالوَرِقِ والورقُ بالذَّهَبِ نَسِيئًا (?). فأخبرَ - رضي اللهُ عنه - أنّ من وجوهِ الرِّبَا ما هو بَيّنٌ جَلِيٌّ لِنْصِّ النَّبيِّ عليه السّلام عليه، ومنه ما هو باطنٌ خَفِيٌّ لِعَدَمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015