ولا بدّ فيه من مقدِّماتٍ وقواعدَ وتمهيداتٍ تُفسِّر لَكَ ما أشْكلَ منه، وتوضِّحُ لك ما خَفِيَ منه، وإقامة الأدلَّة من الكتاب والسُّنَّةِ. قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (?) وهذه الآيةُ الأصلُ في جَوَازِ البيوعِ كلِّها، واختلفَ العلّماءُ فيها، هل هي مُجْمَلَةٌ أو عامَّةٌ؟ والصَّحيحُ عندنا أنَّها عامَّةٌ في كلِّ بيْعٍ.
فإن قيل: فإذا كانتِ الآيةُ عامَّةَ، فَلأَيِّ شيءٍ لم تجزْ بعضُ البيوع؟
قلنا: ما نقضّ البيوعَ لم يجُز؛ لأنّها خرجَت بدليلٍ، وهو قولُه عليه السّلام، وما دَاخلَهُ فسادٌ لم يجز؛ لأنّ حدَّ العامِّ: ما اشتمل اثنانِ فصاعدًا.
وقولُه: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} (?) قالت ثَقِيف: كيف نتبرّأ عن الرِّبا وهو مثل البَيْع؟ فنزلت فيهم الآية (?).
قال علماؤنا: الرِّبَا كناية عن استجابةٍ في البُيْعِ وقَبْضِهِ بالْيَدِ؛ لأنّ ذلك إنَّما يفعَلُه المُرْبي قَصْدًا لما يأكلُه (?).
والرِّبا في اللّغة: الزِّيادة، وكان الرِّبَا عندهم معروفًا، يُبَايع الرّجلُ الرّجلَ إلى أجَلٍ، فإذا جاء الأجَلُ، قال: تعطني أم تربي على ما عليه؟ أو تضرب أجلًا آخر؟ فحرَّمَ اللهُ الرِّبا، وسيأتي بيانُه في موضعه إنَّ شاء الله.