والثّالثُ: أنَّ كلَّ فحلٍ دَرَّ بِهِ لبنٌ ارتضَعْتَه، فكلُّ أختٍ له من النَّسَبِ عمَّةٌ لَكَ من الرَّضاعةِ.
والرّابعُ: أنَّ كلَّ ثدْيٍ ارتضَعْتَةُ، فإنّ كلَّ أختٍ له من النَّسبِ خالةٌ لك من الرَّضاعةِ.
الخامسُ: أنَّ كلَّ فَمَينِ جَمَعَهُمَا ثَدْيٌ واحدٌ في وقتٍ أو وقتينِ كما تَقَدَّمَ، فإنّ كلَّ بنتٍ للمُجْتمِعِ معَكَ عليه مِن أُنْثَى أو ذَكَر، فإنَّه ابنُ أخٍ لك أو ابنُ أختٍ، فصار لَبَنُ الأمِّ قرآنيا، وصار لَبَنُ الفَحْل بالسُنَّةِ، قَالَتْ عَائشَةُ: إنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ عِنْدَهَا، وَإنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأذِنُ. الحديث إلى آخره، قال فيه: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلَادَةِ" (?).
وهذه الكلماتُ صحيحةٌ، قد ثَبَتَتْ عنِ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - مُنْفَصِلةً عنه، مَرْوِيَّةً من طُرُقٍ سِوَاهُ، وهو عمومٌ مُتَّفَقٌ عليه، لم يدخُلْهُ تخصيصٌ بإجماعٍ.
هذا هو أصلُ الرَّضاعِ المُتَّفَقِ عليه، وفيه خلافٌ كَثيرٌ بينَ العلّماءِ، وتفصيلٌ طويلٌ في الفروعِ، ذَكرَ منه مالك فصلّين: أحدهما: تقدير الرَّضَاع.
وفيه ثلاثة أقوال:
أحدهما: أنَّه حَوْلَانِ (?).
الثّاني: أنَّه يزيدُ على الحَوْلَيْنِ الشّهر والشّهرين (?).