وأمّا إنَّ كان بموضعٍ لا يمكن أنّ يخفى أَسْرُهُ إنَّ أُسِرَ، فحكْمُهُ حكم المفقودِ في حربِ المسلمينَ في الفِتَنِ.

الثَالثُ: أنَّه يُحْكَم له بحُكْمِ المفقودِ في جميعِ الأحوالِ، فيضرب له الأَجل أربعة أعوام، ثمَّ تعتدُّ امرأته وتتزوّج، ولا يقسم ماله حتّى يَأتي عليه من الزَّمانِ ما لا يحيى إلى مِثلِهِ. حكى هذا القول ابنُ الموّاز.

الرّابعُ: أنّه يُحْكَم له بِحُكْمِ المقتولِ في الزَّوجة، فتعتدُّ بعدَ التَّلَوُّمِ وتتزوَّج، وبحُكْمِ المفقودِ في مالِهِ فلا يقسم حتّى يُعْلَم موتُه، أو يأتِي عليه من الزَّمان ما لَا يحيى إلى مِثْلِهِ، وهو قول الأوزاعي. وتأوّل رواية أشهب عن مالك على ذلك، وهو بعيدٌ.

وأمّا المفقود في حرب المسلمينَ في الفِتَنِ الْتي تكونُ بينهم، ففي ذلك قولان:

أحدهما: أنَّه يُحْكَم له بِحُكْمِ المقتولِ، في زوجته وماله، فتعتدُّ امرأتُه ويقسم مَالُهُ، قيل: من يوم المعركة قريبة كانتَ أو بعيدة، وهو قول سحنون، وقيل: بعد أنّ يتلوّم له على قَدْرِ ما ينصرف مَنْ هَرَبَ أو انْهَزَمَ.

فإن كانت المعركةُ على بُعْدٍ من بِلَادِهِ مثل إفريقية من المدينة، ضُرِبَ لامرأته سَنَة (?)، ثمَّ تعتدّ وتتزوج ويقسم ماله.

وقيل: إنَّ العِدَّةَ داخلةٌ في التَلوُّم، واختلفَ في ذلك قول ابن القاسم والصّواب أنّ العِدّة داخلة في التَّلوُّم؛ لأنَّه إنَّما تلوّم له* مخافة أنّ يكون حُيَّا* (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015