نتائج لا بأس بها، إلَّا أنَّ فُقدان كثير من المصادر وقفَ عائقًا دون إتمام العملية النقدية الَّتي لو قُدِّر لها أن تتمّ، لسهّلَت علينا وعلى الباحثين والباحثات من بعدنا دراسة منهج المؤلِّف وآرائه بدقَّة متناهية لا تشوبها شائبة. وحَسْبُنا الآن أنَّنا قرأنا وضبطنا نَصّ "المسالك" مع محاولة توضيح مُبهَمِه وتوثيق مسائله، مع أملِ أن يأتي بعدنا من يكمِّل المسيرة، فيستخرج نفائسه، ويستلهم غوامضه بالتأمُّل الصّادق والصَّنعة الكاملة (?).

أوَّل ما يستوقف النَّاظر في كتاب "المسالك" هو ذلك التّسلسُل المنطقي في البناء الفكريّ لمحتويات الكتاب، فقد وضع المؤلِّف - رحمه الله - لشرحه خُطة مُحْكَمَة، اتَّبَعَها بدقّة في جميع الأبواب الَّتي فسّرَها، فجاء الشرحُ -بحمد الله- نَسَقًا واحدًا يدل على عقل يُتقِنُ التصنيف والتبويب، فعمد ابتداءً إلى كتابة مقدِّمات كاشفة، تُرشِد الباحثَ للوُلوج إلى "الموطَّأ"، وتُمكِّنُه من فهم الحديث على الوجه الصحيح. وتكلم المؤلِّف في مقدِّمته الأولى عن فضل مالك - رحمه الله - ومناقبه,. وسَلَفِه، مع ذِكْرِ موطَّئه وشَرَفِه.

وأخلص المقدِّمة الثانية للردَّ على نُفاة القياس من الظّاهرية الحزْمِيَّة، ومن الغريب حقا أن تتفق جميع النُّسَخ على إسقاط هذا البحث، فهل أهمله المؤلِّف بعد أن وعَدَ به في طليعة الكتاب، إمعانا في تجاهل الظّاهريّة والحطِّ من قدرهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015