ومن جهة السُّنَةِ: أنّ المرأةَ قد قالت له: إنّي قَدْ وَهَبتُ نَفسِي لَكَ، فلم يُنْكِر ذلك عليها، فلو كان مُنْكرًا لأنْكرَهُ؛ لأنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لا يقرُّ على المُنْكَر، ثمّ إنّه لما سأل القائم نكاحها، لم يجعل له إلى ذلك سبيلًا دون صَدَاقٍ، حتَّى أَنكَحَهُ إيَّاها بما معه من القرآن.
وهو على ضربين -كما قدّمنا-: إنْ عَنَت به هِبَة النّكاح، ولم تَعْنِ به هبةَ الصَّدَاق، فهذا يفسخ قبلَ البناء، ويثبت بعدَهُ، ولها صَدَاق المِثْلِ (?).
قال (?): فإن عَنَتْ (5) به نكاحًا بغيرِ صداقِ، فلا يجوزُ (?)؛ لأنّه سِفَاحٌ لا نكاحٌ يثبُتُ
فيه الحدّ، ولا يلحقُ فيه النَّسَبُ، وإذا أراد به عَقْد النِّكاح من غير صَدَاقٍ، ففي
"المدوّنة" (?) عن ابن القاسم قولان:
أحدهما: أنّه يُفْسَخُ قبلَ الدُّخول.
والثّاني: قبل الدُّخولِ وبعدَهُ.
وقال ابنُ القصّارِ (?)، وهو الصّحيحُ عندي.
وقال ابنُ شعبان: فيه ثلاثُ رواياتٍ، الرّوايتان المتقدِّمتان، والثالثة: أنّه بمنزلةِ نكاح التَّفويضِ، وهذا يقتضي إمضاءهُ قبلَ البِنَاء وبعدَه.
وأمّا إذا قلنا: يُفْسَخُ بَعْدَ البناءِ، فقد قال أشهبُ: لها ثلاثةُ دراهم.
وقال أَصْبَغ: لها مَهْرُ المِثْلِ.