وقال في رواية أخرى: المُعَنَّسَةُ كَالبِكْرِ حتَّى تَختَبِرَ، وهذه الرّوايةُ هي الصّحيحةُ في النّظر، فليس الخبرُ كالمعايَنَةِ، وليس عندَ المُعَنَّسَةِ من أمور النِّكاح بالسَّماعِ إِلَّا ما عند العِنِّين.

فعلى هذه الرِّواية فليُعَوَّلْ، ويُعْتضَد بما عَضَدَهُ به مالكٌ من قضاءِ عمرَ حين قال: "لَا تُنكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإذنْ وَلِيِّهَا، أَو ذِي الرَّأيِ من أَهْلِهَا، أوِ السُّلْطَان" (?).

وأراد بقوله: "وَلِيِّهَا" الأَدْنى.

وأراد بقوله: "أَو ذِي الرَّأيِ من أَهْلِهَا": الأَبْعَدَ.

وأراد بقوله: "السُّلْطَان": كلُّ امرأةٍ لا وَلِيَّ لها.

واختلفَ قولُ علمائنَا في الأهليَّةِ على ثلاثةِ أقوالٍ:

1 - فقيل: ما وقعَ الاشتِراكُ به في البَطْنِ، كعبدِ الدَّار وهاشم.

2 - وقيل: ما وقع به الاشترَاكُ في العَشِيرَةِ، كقُصَيٍّ وكِلَاب.

وقيل: ما وقعَ الاشتراكُ به في القَبِيلَةِ، ككِنَانة وقُريشٍ.

3 - وقيل: ما كان من العَصَبَةِ، وبه أقولُ، وتحقيق ذلك في "مسائل الخلاف".

تكملةٌ (?):

ولمّا كان النكاحُ بِيّدِ الوليِّ في القسمين جميعًا، شرَعَ اللهُ الإذنَ في البِكْرِ مُستحَبًّا لذِي الشَّفَقَةِ المتناهيَةِ وهوُ الأَبُ، وواجبًا في حقِّ الثَّيِّبِ لكلِّ واحدٍ. ولوروده على هذين الوَجهَينِ مَا أَبْهَمَ به مالك البابَ، فقال (?): "بابُ استئذانِ الأيِّمِ والبِكْرِ في أَنْفُسِهِمَا" ولم يقُل: "بابُ وُجُوبِ الاستئذانِ" ولا: "بابُ اسْتِحبَابِهِ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015