كَيْتَ وكَيتَ فأَنكِحُوه، هذه هي السُّنَّة. فإن جاء أحدٌ بها فبها ونِعْمَتْ، وإن قَصَّر عنها وأَتَى بالمقصودِ له منها أَجْزَأَتْ، حتّى قال مالك - رضي الله عنه - لو بَادَرَ رَجُلٌ رَجُلًا، فقال له: هل تُزَوِّجُنِي ابنتَكَ بأَلفٍ؟ فقال له الآخر: نعم، لَزِمَهُ. قال الشّافعيُّ: لا يلزَمُه حتَّى يقولَ له الآخرُ بعد ذلك قَبِلْتُ. وكذلك الخلافُ في البَيْع مثلُه.
ولَقَبُ المسألةِ: هل تنعقدُ العقودُ بالاسْتِدْعاءِ أم لا (?)؟ والصّحيح ما ذهب إليه مالكٌ؛ لأنّ الغَرَضَ من القَبُولِ معرفةُ الرِّضَا، وقد حصَلَت معرفةُ الرِّضَا بالاسْتِدْعاء، فإن قال: كنتُ هازِلًا، فَهَزلُ النِّكاحِ جِدٌّ، ومثلُ هذه الدَّعْوَى لا يتطرَّق إلى القَبُول، ولا تُسمَعُ إِجماعًا (?)، بدليل أنّه لو صَرّحَ بشرطه لم يَجُزْ.
قال الإمام: الحديثُ صحيحٌ مشهورٌ، ذكرَ منه مالك بعضَه (?)، وتمامُه: "لا يَخطُبْ أَحَدُكُم عَلَى خِطبَةِ أَخِيْهِ، ولا يَبِعْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ" (?).
ومعناه أي: لا يَسُم على سَوْمِهِ؛ لأنّ البَيعَ إنْ وقعَ لم يُتَصَوَّر بعدَهُ بيعٌ، وكذلك رواه مسلم في "صحيحه" (?) فقال: "لا يَخطُبْ أحدُكُم على خِطبة أخيه ولا يَسُمْ على سَوْمِهِ" مُفَسَّرًا مُتقَنًا، والحديثُ عامٌّ بإطلاقه في كلِّ حَالةٍ من أحوال الخِطبَةِ،