الأسناد:
صحيح.
الفقه في ثلاث مسائل:
المسألةُ الأوُلى (?):
قولُ ابنُ عبَّاسٍ:"كَفِّرِي عَنْ يَمِينِكِ": اختلفَ العلّماءُ فيه:
فقيل: هو مذهبُه خاصّةُ، وهذه معصيةٌ لا كفَّارةَ فيها.
وقيل: تُهْدِيْ هَدْيًا، وعليه عوَّل علماؤنا.
وقيل: تُكَفِّرُ كفارةَ اليمين بالله، فلمّا اعترض هذا السائلُ عَلَى ابنِ عبّاس بأنّها معصيةٌ، فكيف يلزمُ فيها كفارةٌ؟ قال له: كما أنّ الظَّهَارَ معصيَةٌ وتجبُ فيهِ الكفّارة.
وهذا ممّا يجبُ أنّ تفهَموهُ وتتّخذوه دستورًا؛ وذلك أنّ ابنَ عبّاسٍ لم يُرِدْ أنّ يجعلّ الظِّهارَ أصلًا للكفَّارةِ في كلِّ معصيةٍ، وإنّما أرادَ أنّ يُمَهَّدَ في نَفْسِ السائلِ الفَتْوَى بما وردَ من الأثَرِ في ذَبْحِ الوَلَدِ، على ما رُوِيَ أيضًا في الظِّهَارِ، والظِّهارُ رُخصةٌ في الشّريعةِ، على ما يأتي بيانُه إنَّ شاءَ الله.
والأصلُ عند علمائنا في نَحْرِ الولدِ: قصّة إبراهيم -عليه السّلام-، وقد وَهَمَ فيه العلماء وَهْمًا قبيحًا، فظَنَّوا أنَّ هذه الآية فيها نَسْخُ الأمرِ قبلَ الفعل (?) كما جرَى في فَرْضِ الصّلاةِ، وليس كذلك، وقد بَيَّنَّا في "أصول الفقه" و"مسائل الخلاف" وحيثُ ورَدَ من كلامِنَا بكلامٍ طويلٍ لُبَابُهُ: أنّ إبراهيم -عليه السّلام- رأى في المنام أنّه يُضجِعُ ولدَهُ ويذبَحُه، لا أنّه قيل له: اذبَخ وَلَدك، ورُؤيا الأنبياء وحيٌ، فإنّ الرُّؤيا على ثلاثةِ أقسامٍ- على ما يأتي بيانُه