وأمّا "الجِزَارُ" (?)، فروَى أشهب عن مالك (?) أنّه أجاز نبيذها، ويحتمل أنّ يريد بالجَرِّ العاري من الحَنْتَمِ.
ورُوِي عن ابنِ مسعود أنّ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أَرْخَصَ في نَبِيذِ الجَرِّ.
ومن جهة المعنى: أنّه معنىً لا يُعجِّل الشِدَّة المُطرِبة، فلم يمنع الانتباذ كالأَسْقِيَةِ.
وما رُوى عن ابنِ عمر أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - نَهَى عن نبيدِ الجر (?)، لعلَّه يريد: الّذي طُلِيَ بالحَنْتَمِ والمُزَفَّتِ.
المسألة الثّالثة (?):
وأمّا "الحَنْتَمُ" (?) فقد روى ابنُ حبيبٍ عن مالك أنّه أرخص فيه.
وقد روى عبد الوهّاب المنع منه على التّحريم.
وعندي أنّ المنع منه كالمنع من المزفّت؛ لأنّه يُحدِثُ من إسراع الشِّدَّة ما يُحدِثُه المزفَّت. والأصل في ذلك حديث ابن عبّاس في "البخاريّ" (?) و (مسلم، (?) أنّ وفد عَبدِ القَيْسِ أتوا النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فسألوه ... الحديث إلى آخره، ونهاهم عن الدُّبَّاءِ والحَنْتَمِ والمُزَّفَّتِ، وربّما قال الرّاوي: النَّقيرُ، وربّما قال: المُقيَّر.
وقال علماؤنا (?): الوفدُ عبارةٌ عن القومِ القادمينَ بنيَّةِ الرُّجوعِ.