واختلفَ العلّماءُ في وجوبِ تسميتها عقيقة: فحكى أبو عُبَيْد (?) عن الأَصمَعِيّ وغيرِهِ: أنّ العقيقةَ الشَّعْر الّذي يكون على رأسِ المَوْلودِ، وإنما سُمَّيتِ الشَّاةُ الّتي تُذبح عنه عقيقة؛ لأنّه يُحلَق رَأسُه عند ذبحها وُيرمَى به، وكانتِ الجاهليَّةُ تفعلُه، ويشهد له قول امْرُىء القَيْس (?):
أيَا هِنْدُ لَاتَنْكِحِي بُوهَةً ... عَلَيْهِ عَقِيقَتُهُ أَحْسَبَا
فالعقيقةُ والعِقَّةُ: الشَّعْرُ الّذي يُولَدُ به الطِّفلُ.
وقيل في معنى البيت: إنّه لم يعقّ عنه في صِغَرِهِ حتّى كَبُرَ، عَابَهُ بذلك.
وقال ابنُ حنبل: إنّما العقيقةُ الذَّبحُ نفسُهُ، وهي قطع الأَوْدَاج والحُلقُومِ (?)، ومنه قيل للقاطع رَحِمَهُ في أبيه وأُمِّهِ: عاقٌّ، وهو كلامٌ غير مُحَصَّلٍ، والتّحقيقُ فيه ما ذهب إليه، أنَّ العقيقةَ هي الذَّبيحةُ نفسُها؛ لأنّها هي الّتي تُقطّعُ أوداجُها وحلقُومُها، فهي فعليةٌ من العَقِّ الّذي هو القَطْعُ.
الفقه في تسع مسائل:
المسألة الأولى (?):
والعقيقةُ ممّا كانت الجاهليَّةُ تفعلُهُ، إذا وُلدَ الغلامُ ذبحَ عنه شاة، ولطّخَ رأسُهُ بالزَّغفَران، فجأة الشّرعُ فأسنَّها، فهي سُنَّةٌ من سُنن الإسلام، وشرعٌ من شرائِعِهِ، إِلَّا أنّها ليست بواجبة عند مالك - رحمه الله - وجميع أصحابه، فهي عندهم من السُّننِ الّتي الأخذُ بها فضيلةٌ، وتركُها غير خطيئةٍ (?).
والدَّليلُ على ذلك: أنّ رسولَ اللهِ سُئِلَ عنِي العَقِيقَةِ؟ فقال:"لَا أُحِبُّ العُقُوقَ"