قد نبَّه على ذلك السُّليماني باختصار حين قال في المقدِّمة: "استوعب المؤلِّف رحمة الله عليه، في كتابه "المسالك" أغلب ما في كتابه "القبس"، وأضاف عليه إضافات كثيرة، والمتأمِّل في عنوان الكتابين يدرك هذا المعنى، فـ "القبس" عبارة عن لمحات دالَّة على المراد، جعله مؤلِّفه إملاءً على أبواب "الموطأ"، وجمعًا لِمَا فيها من الأحاديث والآثار، فهو لم يُعنَ بشرح كلِّ الأحاديث والآثار الواردة في "الموطأ"؛ بل كان رحمه الله، يأتي إلى الباب الذي تعدَّدت فيه الروايات، فإذا كان المآل فيها واحدا، شرح منها حديثا واحدا، وكأنه بذلك شرح جميع الباب.

أما "المسالك" فقد تتبَّع فيه المؤلف ألفاظ الأحاديث حديثا حديثا (?)، مبيِّنا لمعانيها وموضِّحا لأحكامها" (?).

رضي الله عن إمامنا، إمام دار الهجرة مالك بن أنس، الذي اعتبره شيخنا محمد أبو زهرة من أئمة الرأي، وهو جدير أن يعتبر حَلْقة الوصل بين المدرستين: مدرسة الحديث والأثر، ومدرسة الرأي والنظر، ولهذا قال فيه مَن قال: لولا مالك لضاقت المسالك! ورحم الله شيخنا الإمام أبا بكر بن العربي على عنايته بالموطأ وشرحه له.

وجزى الله أخانا محمدا السُّليماني وشقيقته خيرا، على عنايتهما بهذا الكتاب، وبذل الجهد في إخراجه، وأعان الله محمدا على ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015