ثُمّ ثبت أنّه ما نَهَى عنه من صفة الذّابح يمنعُ صحَّة الذَّبْح، فكذلك ما نَهَى عنه من صفة الآلة.
وتحريرُهُ: أنّ هذا معنى وردَ في الشَّرْع باعتبار صفته في الذَّبح، فلم يجز استعمال ما نهي عنه من ذلك، أَصْلُه الذَّبح.
ووجهُ رواية الإباحة: قوله تعالى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (?) والذَّكاةُ فَرْيُ الأوداج، وقد وُجِدَ من هذا الّذي ذَبَح بالسِّنِّ والظُّفُر، فوجب أنّ تُؤكَل ذبيحتُه.
ومن جهة القياس: أنّ هذا معنى فري الأوداج، فجاز الذَّبح به كالحديد.
مسألة (?):
فإذا ثبت ذلك، فقد قال ابنُ القصَّارِ (?): تجوزُ الذّكاةُ بالسِّنِّ والظُّفْر، وأجاب عن الحديث بجوابين:
أحدهما: أنّه يُحْمَل على الكراهية.
والثّاني: أنّه يُحمَل على السِّنِّ والظُّفر الصّغيرين اللَّذين لا يصحّ قطع الأوداج بهما.
فعلى هذا في المسألة ثلاثة أقوال:
* أحدها: أنّه لا تجوز الذّكاة بسِنٍّ ولا ظُفْرٍ متَّصِل ولا منفصل، وهي الرِّواية الّتي حكاها ابن القصّار. عن مالك، وهو الظّاهر من رواية ابن الموّاز.
والرواية الثّانية: أنّه تجوز الذّكاة بهما منفصلّين ومتّصلين، وهذا الظّاهر من رواية ابن وهب عن مالك في "المبسوط"، وهو اختيار ابن القصّار (?).
والرواية الثّالثة: تجوز الذّكاة بهما منفصلّين ولا تجوز الذّكاة بهما متّصلين، وهذا الّذي قاله ابن حبيب.