حَوْلٍ ولا حِيلَةِ، وآخرَ لا يُوصَلُ إليه إِلَّا بالحول أو الحيلة، كالدُّرَّاجِ والطّائر، ويسَّر له الأسباب الّتي يصيدُ بها الدّوارج، وعلَّمَهُ الحِيَلَ الموصلة إليه، وهي الّتي ينزل بها الطّير من العُلُوِّ، وقد بيَّنَّا هذه الأسباب في كتاب التّفسير من هذا الكتاب (?).

وأمر سبحانه عند إخباره عن هذه المِنَّة بالرِّفْقِ والتُّؤَدَةِ، فقال رسولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: "إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذبَحْتُمْ فأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أحَدُكُمْ شَفْرتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" (?) فلا بد من اعتبار الذّابح والذّبح والمذبوح، وفي ذلك أربع مسائل: المسألةُ الأولى: في صِفَةِ المُذَكِّي المُسْلِم. المسألة الثّانية: في صِفةِ ما يُذَكَّى. المسألةُ الثّالثة: في صِفَةِ الذَّكَاةِ. المسألةُ الرّابعة: في مَحَلِّ الذَّكاةِ (?).

المسألة الأولى: في معرفة صفة الذّابح

وهو أنّ يكون كتابيًّا عارفًا، فإنّ المجوسيّ محرّم الذَّبح، وأمّا الذّميّ فمأذُونٌ له في الذَّبْح؛ لأنّه صاحب كتاب.

وأمّا اشتراط العِرْفَان في الذَبْح؛ فلأنّه إنَّ لم يعرف الذّبح آلَمَ البهيمةَ، وحَرُمَ الأكل بإِفسادِ الذَّبح، وإنّما جازَ إيلامُها لفائدة الانتفاع بها.

وأمّا المذبوحُ، فأن يكون مأْذُونًا في أكله، حلالًا في نفسه، حيًّا، ومعنى قولنا: "حَيًّا" احترازًا من الموقوذة وأخواتها، والمتردِّية، والنَّطيحة، وما أكل السَّبع، حسب ما وردَ تفسيره قَبْلُ، والخَلِيسَة وهي الّتي تُنْزَعُ من يد الذِّئب حسَبَ ما ورد في السُّنَّة (?)، وبيَّنَّاه قبلُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015