تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} الآية (?)، وهذا كثير.
وأمّا الاستثناءُ المنفصلُ، فهو ما لا يخرج من الجملة المتقدِّمة ممَّا يتناوله اللَّفظ، مثل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} (?)؛ لأنّ الخطأ لا يصحّ أنّ يقالَ فيه: إنَّ له أنّ يفعله. ومثل قوله تعالى: {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} الآية (?).
قال القاضي - رضي الله عنه -: فمن ذهب إلى أنّ الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} من الاستثناء المتَّصل، أجاز المُنْخَنِقَة وأخواتِها، وإن صارت البهيمة بما أصابها إلى حال اليأس مالم ينفذ لها مقتلًا، وهو مذهب ابن القاسم، وروايته عن مالك في "المدَّونة" (?) و"العُتبِيَّة" (?).
وأمّا من ذهب إلى أنّه استثناءٌ منفصلٌ، لم يُجز ذكاتها إذا صارت في حالة اليأس ممّا أصابها من ذلك وإن لم ينفذ مقاتلها، وقال: معنى الكلام في الاستثناء المنفصل: لكن ما ذكَّيتُم من غير هذه الأصناف، وهو اختيار مالك في رواية أشهب عنه، وهو قول ابن الماجشون، وابن عبد الحَكَم، وروايتهما عن مالك، وإذا أنفذ مقاتلها ما أصابها من ذلك، فلا تُذَكَّى ولا تُؤكل، فإنها باتِّفاقٍ (?) سبيل الميِّتة، وإن تحرّكت بعد ذلك، فإنّما هي سبيل الذّبيحة الّتي تتحرَّك بعد الذَّبح، وقد روى ابن القاسم في "كتاب الدّيات" (?) في الّذي يُنْفِذُ مَقَاتِلَ رَجُلٍ ثمّ يُجهز عليه آخرُ: أنّه يُقتَل به ويُعاقَب الأوّل، فعلى هذه الرِّواية