ممّن يجيء يوم القيامة وجرحه يَثعَبُ دمًا، يريد أَن اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحَ ريحُ مِسْكٍ وهذا يدلُّ على قالَهُ عندَ الله منَ الشَّرَفِ، وذلك بحُسنِ إخلاصه في جهاد الله تعالى، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} الآية (?).

وقال بعض الزُّهَّادِ: اعلم يا أخي أنّ ذَرَّة من عمل أهل الإخلاص أثقل من ألف قنطار من عمل غيره، وهذا كمن أخذ حَبَّةً فبَذرَها في أرض طيَّبة وتعاهدها بالسَّقْىِ وحَظَرَ عليها وحفظها من الآفات، حتّى قامت وغصنت ونوَّرت وعقدت، فلم يُقطع عقدها حتّى كمل واشتدّ، فوجده أحسن شيء يفرح به، وكذلك الشّهيد يفرح بحُسْن إخلاصه بالقتل في سبيل الله، قال الله تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (?) الآية إلى قوله: {لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} "أي: في المنزلة وحُسْن الإخلاص لله تعالى، فهذا الشّهيدُ هو الّذي يعود يوم القيامة بريح المِسْكِ، وإنّه ليوجد من مسيرة ألف عام، وان نُورَهُ أيضًا على مسيرةِ مئة عام، فما ظنّكم بنور وجهه، وقد تكلّمنا على فضائل الشَّهيدِ في "الكتاب الكبير".

حديث مالك (?)، عن زيد بن أسلم, أنّ عمر بن الخطّاب كان يقول: "اللَّهُمَّ لَا تَجْعَل قَتْلِى بِيَدِ رَجُلٍ صَلَّى لَكَ سَجْدَةً واحِدَةً، يُحَاجُّنِي بِهَا عنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

الإسناد:

قال الإمام: الحديثُ مُرْسَلٌ (?)، وقد جاء عن النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "خَيرُ الشُّهَدَاءِ مَنْ قتَلَهُ أهْل مِلَّتِهِ" (?)، ولابُدَّ من حسناتٍ لَهُ.

الجواب: أنّ عمر - رضي الله عنه - رأى أنَّه إنَّ كان من أهل الإسلام، لابُدَّ أنّ يكون له حسنات، فَرُبَّمَا وفّت حسناتُه بعد القصاص، وبقي له ما يدخل به الجنّة، وإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015