قال مالك: والكبَّةُ والخيط ومثله ممّا ثمنه دَانِق وشبهه، أخاف أنّ يرائي بذلك، وليس يضيق على النَّاس (?).

وروى أشهب عنه في "العتبيّة" (?) أنّ ما كان ثمن درهم ونحوه له أنّ يحبسه ولا يبيعه (?).

فمعنى قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "أَدُّوا الخَائِطَ وَالمِخْيَط" على المبالغة، لا على أنّ هذا المقدار يجب رَدُّه إلى الغنيمة، وهذا كما قال - صلّى الله عليه وسلم -: "مَالِي مِمَّا أَفَاءَ الله عَلَيْكُمْ، وَلَا مِثْلُ هَذِهِ"، ثمّ تناول وَبَرَةً من الأرض (?)، ومعلوم أنّ مثل هذا لا يجب أداؤه.

المسألة الرّابعة:

قوله (?):"تُوُفِّيَ رَجُلٌ يَومَ حُنَينٍ (?) ": هو غلط، والصّواب: يوم خيبر، وكذلك رواه القعنبيّ (?) وجماعة، وذكره ابن إسحاق قال: إنّما كان ذلك إذ فتحت خيبر (?).

وامتناعه - صلّى الله عليه وسلم - من الصّلاة على الرَّجل إنّما ذلك على وجه الرَّدْع، وهذه (?) سُنَّةٌ في امتناع الأيمّة وأهل الفضل من الصّلاة على أهل الكبائر، وأمره غيره بالصّلاة عليه، فيه دليل أنّهم لا يخرجون عن حكم الإيمان بما أحدثوه من المعصية، والإمام مُخَيَّرٌ في الصّلاة عليه -أعني على مَنْ غلّ- وعلى أهل الكبائر أو من قتل في حدٍّ أو قود، إنَّ شاء صلّى وإنْ شاءَ ترك، وقد قال - صلّى الله عليه وسلم - في المنافقين: "إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ " (?) وقد بيَّنَّا ذلك في "كتاب الجنائز" بأبدع بيان، فلينظر هناك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015