قال: وكان الأجدر لصاحبنا -وهو في شيخوخته العالية- ألَّا يتجشَّم مشاقَّ الرحلة إلى مرَّاكش، ومتاعب الغربة عن الأهل في إشبيلية ... إلى أن قال: وربما كان رأي ابن العربي أن رئاسته لهذا الوفد: فرصة سانحة لربط الخيوط بالدولة الجديدة، والتنصُّل من أن يحسب على العهد القديم، فتنفتح له قلوب الموحدين، ويحظى بالوجاهة والمكانة ... ذلك ما نرجِّح -والله أعلم- أنه كان يلحُّ على خاطر ابن العربي، ويناسب طموحه المعهود فيه، ونرجو ألا يكون فيما استنتجناه أو تأوَّلناه شيء من القسوة أو التحامل ... " (?).
ربما يؤخذ على الأخ السُّليماني هنا: أنه دخل في محيط النيَّات والسرائر، وهذه علمها عند الله، وقد أُمرنا أن نحكم بالظاهر، والله يتولَّى السرائر، وقد نقول هنا -إذا استخدمنا طريقته في إلاسنتاج-: إن الطبع الجزائري الحارَّ قد غلب على الميراث الحسني الهادئ.
أما العمل الذي يقوم السُّليماني على خدمته، فهو شرح ابن العربي للموطأ. وإن للموطأ لمكانة كبيرة عند الأمة بمختلف مدارسها ومذاهبها، وهو أول كتاب أُلِّف في شرائع الإسلام، ألَّفه الإمام مالك على مهل، حتى نضج واكتمل، وقد أراد الخليفة أبو جعفر المنصور