عند العصر صحَّ فرجع إلى معتكفه، فأَتَمَّ بقيَّةَ نهاره. فاختلف المحقِّقونَ فيه من علمائنا:
فقيل: إنّ له أجر اعتكافه يومه كلّه من أوَّله إلى آخره، وهذا بناءً على أنّ من نَوَى فعل شيءٍ فقطع بينه وبينه قاطعٌ، كان له أجره، ومن أراد فعلَ أمرٍ ولم يقدر عليه، كان له مثل أَجْرِ من فَعَلَهُ.
والدليل على ذلك: قولُ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إنَّ بالمدينةِ أقوامًا ما قَطَعْتُمْ واديًا ولا سَلَكتُمْ شِعبًا إِلَّا وَهُم مَعَكم، حَبَسَهُمُ العُذْرُ" (?) فصرَّحَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بالنِّيِّةِ الّتي استوجبوا بها الأجر الكامل.
وقال بعضُ أهل العلّم: ولهذا المعتكف من الأجر بقَدْرِ ما اعْتكفَهُ.
فيقال لصاحب هذا القول: فأين فائدة هذا الحديث والنِّيَّة الّتي اعتقدها (?) قبل؟ ألَّا ترى أنّ أجره في الّتي تقدَّمَ قَبْلُ باقٍ، ولو قطع مختارًا له لما كان له أجر فيما تقدَّم. والصّحيح هو الكلام الأوّل.
مسألة:
فإن أخرج (?) لاقتضاء دَيْنٍ منه، أو استيقاد حدّ عليه مُكْرَهًا إلى الحاكم، فاختلفَ علماؤنا في ذلك:
فقال ابنُ القاسم: يبطل اعتكافه.
ورَوَى ابنُ نافع عن مالك (?)؛ أنّه لا يبطل اعتكافه؛ لاْنّه مُكرَهٌ وله البنَاء على ما مَضَى.
مسألة (?):
فإنِ اعتكفَ في أيّامٍ من غير رمضان، فمرضها كلّها أو مرض بعضها، ففي ذلك ثلاثة أقوال: